نظم مرصد الأزهر لمكافحة التطرف ندوة تثقيفية جديدة بعنوان “أثر تجديد الخطاب الديني في مكافحة التطرف”، وذلك يوم الأربعاء الموافق 5 نوفمبر، بـ الجامعة البريطانية في مصر.
حاضر في الندوة الباحثان بوحدة الرصد باللغة العربية بالمرصد، الدكتور محمد عبودة وخالد الشاذلي.
بدأ الدكتور محمد عبودة مداخلته بوضع إطار مفاهيمي واضح، حيث أوضح الفارق الجوهري بين “النص الديني” و”الخطاب الديني”.
التمييز بين النص والخطاب
أكد د. عبودة أن النص الديني هو النصوص المقدسة الثابتة والمطلقة التي تشكل العقائد والتشريعات. أما الخطاب الديني فهو “مخاطبة الجمهور بلغة العصر، وتطبيق الأحكام الشرعية بما يتوافق مع الظروف المعاصرة، مع التأكيد على الثوابت الدينية الراسخة”.
جوهر التجديد والحتمية
أشار د. عبودة إلى أن مفهوم التجديد ليس وليد اللحظة، بل هو ضرورة حتمية مستمدة من الحديث الشريف: “إنَّ اللَّهَ يبعَثُ لِهذِه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سَنةٍ من يجدِّدُ لَها دينَها”. وبيّن أن هذا التجديد يعني إعادة الدين إلى صفائه الأصلي والتصدي للانحرافات التي قد تشوبه بمرور الزمن.
من جانبه، تناول خالد الشاذلي الأسباب التي تجعل التجديد ضرورة مُلحة في وقتنا الحالي، بالإضافة إلى السمات المميزة للخطاب الديني القادر على مواجهة التطرف، متطرقًا إلى النقاط التالية:
دواعي التجديد: أكد الشاذلي أن التجديد أصبح حتميًا بسبب تغير السياقات الثقافية والاجتماعية، وثورة الاتصالات والفضاء الإلكتروني التي سهّلت انتشار الأفكار، وكذلك ظهور قراءات متطرفة للنصوص التي تتطلب تصحيحًا.
ملامح الخطاب المتجدد
شدد الشاذلي على أن الخطاب الديني المتجدد يجب أن يتسم بـالوسطية والاعتدال منهجًا، مع الانفتاح على العلوم الإنسانية والاجتماعية لفهم سياقات الواقع. وأضاف أن التجديد يقتضي أيضًا مخاطبة العقل بلغة منفتحة ومنهج نقدي رصين، والاستفادة القصوى من الوسائط الحديثة في التبليغ، مثل منصات التواصل، البودكاست، والمرئيات القصيرة، لضمان وصول الرسالة المعتدلة إلى مختلف الفئات.
شهدت الندوة تفاعلًا كبيرًا من الطلاب الذين أبدوا حرصًا واضحًا على فهم هذه القضية المحورية. وتؤكد أهمية هذا اللقاء على الدور المحوري للجامعات كحاضنات للفكر النقدي المعتدل، وأهمية الشراكة بين المؤسسات الدينية والتعليمية في ترسيخ الفهم الصحيح للإسلام ومواجهة موجات التطرف عبر تطوير خطاب ديني يستوعب تحديات العصر ويحفظ ثوابت الدين.

