معبدا رمسيس الثاني بمدينة أبو سمبل السياحية جنوب أسوان يمثلان قصة خالدة على مر السنين والعصور، حيث تتجلى في هذا الصرح التراثي العظيم عظمة الحضارة والثقافة المصرية التي توارثها الأجيال جيلاً بعد جيل.
ويشهد المعبد زيارات متواصلة على مدار العام من الأفواج السياحية القادمة من مختلف دول العالم، فيما يزداد الإقبال بشكل خاص في يومي 22 أكتوبر و22 فبراير من كل عام، لمتابعة الظاهرة الفريدة التي اشتهر بها المعبد، وهي تعامد أشعة الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني داخل قدس الأقداس، وهي واقعة مدهشة يتحدث عنها العالم ويحرص الزوار المصريون والأجانب على مشاهدتها عن قرب.
القصة الكاملة
قال الأثري الدكتور أحمد مسعود، مدير عام آثار أبو سمبل، إن الملك رمسيس الثاني شيد معبدين منحوتين في الصخر خلال القرن الثاني عشر قبل الميلاد، أحدهما خصصه لنفسه والآخر لزوجته المحبوبة الملكة نفرتاري.
وأوضح أن المعبد الكبير يضم التماثيل الأربعة العملاقة التي تُعد من أعظم رموز الحضارة المصرية القديمة، بينما المعبد الصغير – الأصغر حجمًا والأكثر شاعرية – كان مكرسًا بالكامل للملكة الجميلة التي أسرته بقلبها وعقلها، في تجسيد بديع لقصة حب خالدة خُلدت في الصخر.
رمسيس الثانى
و رغم أن رمسيس كان له 24 زوجة و100 من الأبناء، إلا أن نفرتارى ظلت الزوجة المفضلة، لذا قرر أن يضعها بجواره وبنى لها معبدا صغيرا “معبد للحب”، فى سابقة لم يعرفها التاريخ الفرعونى من قبل”، ولم يكتفِ الملك بأن يبنى لها معبدًا، لكنه جعلها تظهر فى واجهته فى موضع الندّ له، إذ تتكون الواجهة من ستة تماثيل ضخمة، أربعة لرمسيس واثنان لنفرتارى، وكل تمثال بارتفاع عشرة أمتار تقريبًا، أما النقوش الداخلية فابتعدت عن مشاهد الحروب والمعارك المعتادة، وامتلأت بصور للملكة وهى تتزين وتشارك زوجها الطقوس الدينية، وكأن المعبد يروى قصة حب كتبت على جدران التاريخ.
وأشار إلى أنه لم يكن من عادة المصريين القدماء أن يبنوا معابد للزوجات، فالمعابد كانت للإلهة أو للملوك بعد وفاتهم، إلا أن مكانة نفرتارى عند رمسيس جعلته يشذ عن القاعدة ولم يقتصر تقديره لها على المعبد وحده، لكنه شيّد لها مقبرة تُعد من أجمل ما عُثر عليه فى وادى الملكات، مكتملة الألوان والزخارف والرموز، تجسد أنوثة الملكة ومكانتها الفريدة.
و كانت نفرتارى تشاركه المراسم الرسمية والاحتفالات الكبرى، وحضرت معه توقيع أول معاهدة سلام فى التاريخ مع الحيثيين، وذُكر اسمها إلى جوار اسمه فى كثير من النقوش الملكية، إنها لم تكن مجرد زوجة لفرعون، بل نصفه الآخر الذى خُلد فى التاريخ.
وبقى المعبد على الحب، وتم نقل المعبدين قطعة قطعة إلى موقعهما الحالى عام 1968 ، ويحرص السائحون على زيارته ليقفوا مبهورين بعظمة الفن القديم، ولهذا السبب يتوافد إلى أبوسمبل الكثير والكثير ليأخذوا صورة أمام معبد رمسيس ونفرتارى .

