شهدت الأسهم الأمريكية ارتفاعًا ملحوظًا، بقيادة قطاع التكنولوجيا، وذلك مع تزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. هذا التطور ساهم في تعزيز التفاؤل بين المستثمرين قبل عطلة عيد الشكر، بالتزامن مع تراجع طفيف في قيمة الدولار. ويعتبر هذا الارتفاع في الأسهم الأمريكية إشارة إيجابية للسوق العالمية.
ارتفع مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.7% في تعاملات الأربعاء، مواصلًا سلسلة المكاسب لأربعة أيام متتالية. وقد استعاد المؤشر متوسطه المتحرك لـ 50 يومًا، وهو مستوى دعم فني مهم. في المقابل، كان حجم التداول أخف من المعتاد بنحو 11% مقارنة بمتوسط الثلاثين يومًا السابق.
أداء قطاع التكنولوجيا وارتفاع أسهم إنفيديا
أظهر مؤشر “ناسداك 100” أداءً قويًا بصعوده بنسبة 0.9%، مدفوعًا بشكل رئيسي بالتعافي الذي شهدته شركة “إنفيديا كورب” بعد المخاوف المتعلقة بالمنافسة المتزايدة في سوق معالجات الذكاء الاصطناعي. هذا يشير إلى أن الثقة في الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي لا تزال قوية نسبيًا.
ومع ذلك، لا يزال قطاع التكنولوجيا يشهد بعض التقلبات. أحد الأسباب الرئيسية لهذا هو تقييمات الشركات المرتفعة، والتي أثارت قلق المستثمرين في وقت سابق من هذا العام. الآن، يبدو أن المزاج العام قد تحسن، ويرجع ذلك جزئيًا إلى التصريحات المتساهلة التي أدلى بها مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي، والتي أشارت إلى احتمال خفض أسعار الفائدة في ديسمبر.
توقعات خفض أسعار الفائدة وتأثيرها على السوق
تزايدت التوقعات بخفض أسعار الفائدة بعد ترشيح كيفن هاسيت لمنصب رئيس الاحتياطي الفيدرالي المقبل. يرى المستثمرون أن هاسيت قد يكون أكثر ميلاً إلى سياسة تخفيض أسعار الفائدة، وهو ما يتماشى مع رغبات الرئيس دونالد ترمب. تقوم أسواق المال حاليًا بتسعير احتمال كبير بنسبة 80% لحدوث خفض ربع نقطة في أسعار الفائدة الشهر المقبل.
بيانات اقتصادية مختلطة وتأثيرها على الأسواق
على صعيد البيانات الاقتصادية، انخفضت طلبات إعانة البطالة الأولية بشكل طفيف في الأسبوع المنتهي في 22 نوفمبر، متجاوزةً بذلك التوقعات التي أشارت إلى زيادة متواضعة. هذا الانخفاض يعكس مرونة سوق العمل. وارتفع العائد على السندات الحكومية لأجل 10 سنوات واستقر قرب 3.99%. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت قيمة الدولار بنسبة 0.3%.
أشار إيان لينغن من “بي إم أو كابيتال ماركتس” إلى أن البيانات الاقتصادية كانت أقوى من المتوقع بشكل عام، مما يعزز فكرة وجود اتجاهات متضاربة في الاقتصاد. ومع كل هذه البيانات، لا يعتقد أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ستغير مسارها نحو خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في العاشر من ديسمبر.
أكد برندان فاغن، استراتيجي الاقتصاد الكلي في “ماركتس لايف” في “بلومبرغ”، أن “الكتاب البيج” الصادر عن البنك المركزي أظهر اقتصادًا يكاد يكون راكدًا. بالنسبة للأسواق، هذا يعني أن التوقعات بخفض أسعار الفائدة في ديسمبر هي السيناريو الأكثر ترجيحًا.
نظرة مستقبلية لأسهم التكنولوجيا و الأسهم الأمريكية
بدأت تظهر توقعات إيجابية لنمو الأسهم الأمريكية في عام 2026. ويتوقع استراتيجيّو “دويتشه بنك” أن يرتفع مؤشر “إس آند بي 500” إلى 8000 نقطة بحلول نهاية عام 2026، مدفوعًا بأرباح قوية وزيادة في عمليات إعادة شراء الأسهم. يشاركهم هذا الرأي “جيه بي مورغان تشيس” الذي يتوقع وصول المؤشر إلى 7500 نقطة، بينما وضعت “سوسيتيه جنرال” هدفًا أقل عند 7300 نقطة.
في المقابل، حذرت فاليري شارريير، رئيسة الأسهم الأوروبية في “بي إن بي باريبا لإدارة الأصول”، من أن المشهد قصير الأجل لا يزال غائمًا بسبب التقلبات الأخيرة. لا تتوقع شارريير حدوث ارتفاع موسمي في الأسهم خلال فترة عيد الميلاد. وترى أن هناك بعض المخاوف بشأن تقييمات الذكاء الاصطناعي وعدم اليقين بشأن سياسات الاحتياطي الفيدرالي، لذلك تتوقع تحولًا نحو القطاعات الدفاعية.
في المملكة المتحدة، وسعت وزيرة الخزانة رايتشل ريفز الهامش المالي في الميزانية الأخيرة إلى 22 مليار جنيه إسترليني. وتم تمويل الزيادة من خلال ضرائب جديدة بقيمة 29.8 مليار جنيه إسترليني، تشمل رسومًا على القمار والعقارات الفاخرة. هذا الإجراء يهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي في البلاد.
في الختام، تظل الأسواق العالمية تراقب عن كثب التطورات الاقتصادية وسياسات البنوك المركزية. الموعد القادم والمهم هو اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في 10 ديسمبر، حيث سيتم اتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة. من الضروري متابعة البيانات الاقتصادية والمؤشرات الفنية لتقييم المخاطر والفرص المستقبلية في الأسهم الأمريكية.

