علّقت السلطات الإندونيسية عمليات ثلاث شركات في جزيرة سومطرة، وذلك في إطار تحقيق واسع النطاق في دور أنشطة إزالة الغابات المحتملة في تفاقم الفيضانات والانهيارات الأرضية المدمرة التي ضربت المنطقة مؤخرًا. يأتي هذا الإجراء بعد ارتفاع عدد القتلى إلى أكثر من 800 شخص مع استمرار البحث عن مئات المفقودين. وتهدف التحقيقات إلى تحديد ما إذا كانت ممارسات الشركات قد ساهمت في الكارثة البيئية.
أعلنت الحكومة الإندونيسية، عبر وزير البيئة حنيف فيصل نوروفيك، عن تعليق عمليات شركة خدمات التعدين “بي تي أجينكورت ريسورسيز”، وشركة المزارع المملوكة للدولة “بي تي بيركيبونان نوسانتارا 3″، بالإضافة إلى مطورة الطاقة الكهرومائية “بي تي نورث سومطرة هيدرو إنرجي”. كما ألزمت الشركات الثلاث بإجراء تدقيق بيئي شامل لتقييم تأثير أنشطتها على البيئة المحيطة، خاصةً في المناطق المتضررة من الكوارث الطبيعية.
تحقيقات في دور إزالة الغابات في الفيضانات والانهيارات الأرضية
أظهرت عمليات التفتيش الجوي التي أجرتها السلطات الإندونيسية وجود تجريف واسع للبناء في المناطق العليا لمجاري الأنهار، الأمر الذي قد يكون زاد من خطر الفيضانات والانهيارات الأرضية في المناطق المنخفضة. ووفقًا للبيانات الأولية، يبدو أن هذه الأنشطة ساهمت في إزالة الغطاء النباتي الواقي، مما قلّل قدرة الأرض على امتصاص مياه الأمطار.
التفاصيل الأولية للتحقيق
طلبت وزارة البيئة من ممثلي الشركات الثلاث الحضور إلى العاصمة جاكرتا في 8 ديسمبر لتقديم إفاداتهم والإجابة على أسئلة حول ممارساتهم البيئية. أكد وزير البيئة أن الحكومة لن تتردد في اتخاذ إجراءات قانونية ضد أي شركة تثبت تورطها في انتهاكات بيئية ساهمت في تفاقم الكارثة.
وفي سياق متصل، أعلن وزير الغابات رجا جولي أنتوني أمام البرلمان أن الوزارة ستبدأ التحقيق مع 12 شركة أخرى، بالإضافة إلى الشركات الثلاث المعلقة عملياتها. وذكر أن سوء إدارة الغابات يظهر كعامل مساهم رئيسي في تفاقم الأزمة. يُضاف إلى ذلك، تتجه الوزارة نحو إلغاء تصاريح امتيازات الغابات لـ 20 شركة أخرى، تغطي مساحة إجمالية تبلغ 750 ألف هكتار، على أن يخضع هذا الإجراء لموافقة الرئيس برابوو سوبيانتو.
تأتي هذه الإجراءات بعد أسابيع من الطقس القاسي الذي اجتاح شمال وغرب سومطرة، مما أدى إلى أضرار هيكلية واسعة النطاق وتشريد آلاف السكان. وتواجه إندونيسيا تحديات كبيرة في إدارة مواردها الطبيعية وحماية بيئتها، خاصة مع تزايد الضغوط الاقتصادية والسكانية.
التحقيق الجاري ليس الأول من نوعه في إندونيسيا، حيث تكررت في السنوات الأخيرة اتهامات للشركات بقطع الأشجار بشكل غير قانوني والمساهمة في تدهور الأراضي. ومع ذلك، فإن هذا الإجراء يمثل تصعيدًا ملحوظًا في جهود الحكومة لمعالجة هذه المشكلة. تتضمن الإجراءات السابقة فرض غرامات وإصدار أوامر بتوقف العمل، ولكن لم يصل الأمر إلى مستوى تعليق العمليات والتحقيق الجنائي.
التنمية المستدامة هي أحد التحديات الكبيرة التي تواجه إندونيسيا، وموازنة النمو الاقتصادي مع حماية البيئة يتطلب تخطيطًا دقيقًا وتنفيذًا فعالًا للسياسات. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الوعي البيئي بين السكان المحليين والشركات أمر ضروري لتحقيق مستقبل أكثر استدامة.
خلال الأيام القليلة القادمة، من المتوقع أن تستمر فرق الإنقاذ في البحث عن المفقودين، بينما تواصل فرق التحقيق جمع الأدلة وتقييم الأضرار البيئية. من غير الواضح متى ستنتهي التحقيقات، لكن من المرجح أن تكون النتائج حاسمة في تحديد مستقبل الشركات المتضررة وسياسات إدارة الغابات في إندونيسيا. ومن المتوقع أيضًا أن يصدر الرئيس سوبيانتو قرارًا بشأن إلغاء تصاريح امتيازات الغابات المذكورة في أقرب وقت ممكن. وسيكون رد فعل المجتمع الدولي والمنظمات البيئية على هذه التطورات أمرًا يستحق المتابعة أيضًا.

