طمأنت نتائج شركة “إنفيديا” (Nvidia) المستثمرين بشأن الطلب القوي على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى ارتفاع الأسواق العالمية. جاء هذا الارتياح بعد أن قدمت الشركة توقعات إيرادات قوية، مما خفف المخاوف بشأن فقاعة محتملة في هذا القطاع الحيوي. تأتي هذه التطورات في وقت لا يزال فيه التعافي الاقتصادي غير مؤكد، وتقييمات الشركات مرتفعة، وسياسة الاحتياطي الفيدرالي النقدية موضع تساؤل.
شهدت الأسواق العالمية رد فعل إيجابي على إعلان “إنفيديا”، حيث ارتفع سهمها بأكثر من 5% في التداول بعد الإغلاق. كما ارتفعت عقود مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 1.3% خلال الجلسة الآسيوية، وحققت المؤشرات في كوريا الجنوبية وتايوان واليابان مكاسب تتجاوز 2.5%، مدفوعة بشكل أساسي بأسهم موردي “إنفيديا”. يعكس هذا الارتفاع الثقة المتجددة في قطاع أشباه الموصلات.
زخم قوي في أسهم موردي تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الآسيويين
أشار غاري تان، مدير المحافظ في شركة “أولسبرينغ غلوبال إنفستمنتس”، إلى أن الإنفاق على البنية التحتية اللازمة للذكاء الاصطناعي لا يزال قوياً، مما يوفر رؤية أوضح للمستثمرين حول ما إذا كان ينبغي الاستمرار في الاستثمار في هذا القطاع خلال العام المقبل. هذا الزخم يعزز من فرص النمو للشركات المتخصصة في هذا المجال.
ارتفعت أسهم الشركات اليابانية الموردة لمكونات الرقائق لشركة “إنفيديا”، مثل “طوكيو إليكترون” و”أدفانتيست” و”ليزرتيك”، بأكثر من 6% لكل منها. وفي تايوان، سجل مؤشر “تايكس” أكبر مكاسبه منذ 23 أبريل، مدفوعاً بصعود سهم “تي إس إم سي” بنسبة 4.7%. كما شهدت أسهم شركتي تصنيع رقائق الذاكرة الكوريتين “إس كيه هاينكس” و”سامسونغ” ارتفاعاً بنسبة لا تقل عن 3.5%.
تأثيرات إيجابية على قطاع أشباه الموصلات
يعكس هذا الأداء القوي الترابط الوثيق بين “إنفيديا” ومورديها في آسيا، حيث أن أي تطور إيجابي للشركة الأمريكية ينعكس بشكل مباشر على أداء الشركات التي تعتمد عليها في توفير المكونات الأساسية. هذا يؤكد أهمية سلسلة التوريد العالمية في قطاع التكنولوجيا.
تفاؤل حذر بشأن تقييمات الشركات
على الرغم من موجة التفاؤل، يرى بعض المستثمرين أن نتائج “إنفيديا” تمثل هدنة مؤقتة، وأن المخاوف الأساسية بشأن التقييمات المرتفعة والاستثمارات الضخمة لا تزال قائمة. هناك قلق من أن التقييمات الحالية قد لا تكون مستدامة على المدى الطويل.
ديلين وو، المحلل الاستراتيجي في “بيبرستون غروب”، يرى أن الارتفاع الحالي هو “صعود ناتج عن الارتياح لا عن انحسار مخاوف التقييم”. وأضاف أن “إنفيديا قدمت للسوق ما تحتاجه، لكن الأسئلة الأعمق ما زالت قائمة، بدءاً من قدرة الشركات الكبرى على تحقيق عائد من إنفاقها الهائل على الذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى مدى استدامة الإنفاق المدفوع بالديون”.
بالإضافة إلى ذلك، تتقلص رهانات المستثمرين على خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، وذلك بسبب الضبابية التي تحيط بآفاق سوق العمل. هذا يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق المالية.
فيي-سيرن لينغ، المدير الإداري في “يونيون بانكير بريفيه”، أوضح أن “السوق الآن تركز أكثر على تبديد المخاوف لا البحث عن محفزات إيجابية جديدة. العامل التالي سيكون توقعات الفيدرالي بشأن الفائدة”.
ومع ذلك، يرى عدد من المحللين أن توقعات “إنفيديا” المتفائلة تمنح السوق دعماً أقوى للشراء، مع احتمال أن يمتد تحسن المعنويات إلى قطاعات أخرى مرتبطة بـ تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. هذا يشير إلى أن تأثير “إنفيديا” قد يتجاوز نطاقها المباشر.
أشار تان من “أولسبرينغ غلوبال إنفستمنتس” إلى أن نتائج “إنفيديا” تظهر أيضاً أن “عنق الزجاجة ينتقل من توريد الرقائق إلى الطاقة وأنظمة التبريد والمعدات الثقيلة”، مضيفاً أن “هذا التحول قد يدعم موردي المعدات الصناعية التقليدية، خصوصاً في كوريا والصين”. هذا التحول قد يخلق فرصاً جديدة للشركات المتخصصة في هذه المجالات.
في الختام، على الرغم من التفاؤل الحالي، لا يزال السوق ينتظر المزيد من الوضوح بشأن مسار السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي وقدرة الشركات على تحقيق عائد على استثماراتها في الذكاء الاصطناعي. من المتوقع أن تكون بيانات التضخم القادمة، ونتائج الشركات الأخرى في قطاع التكنولوجيا، من العوامل الرئيسية التي ستحدد اتجاه الأسواق في الأسابيع القادمة. يجب على المستثمرين مراقبة هذه التطورات عن كثب لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة.

