انكمش نشاط التصنيع في الصين بشكل غير متوقع في شهر نوفمبر، مسجلاً أول انخفاض منذ أربعة أشهر، وفقًا لمسح خاص صادر عن “ريتينغ دوغ”. يشير هذا التراجع إلى تزايد المخاوف بشأن تباطؤ أوسع نطاقًا في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ويضع ضغوطًا إضافية على النمو الاقتصادي الصيني.

أظهر المسح أن مؤشر مديري المشتريات (PMI) للتصنيع انخفض إلى 49.9 نقطة، وهو ما يمثل مستوى حرجًا يفصل بين النمو والتوسع. وكان متوسط توقعات الاقتصاديين التي استطلعتها بلومبرغ يشير إلى 50.5 نقطة. يأتي هذا التقييم الخاص بعد بيانات رسمية صدرت يوم الأحد أظهرت أيضًا استمرار تراجع نشاط المصانع، وإن كان بوتيرة أبطأ.

تراجع نشاط التصنيع الصيني يثير مخاوف اقتصادية

يعكس هذا الانكماش في نشاط التصنيع اتجاهًا مقلقًا يتزامن مع تباطؤ الاستثمار وضعف الطلب الاستهلاكي. وتشير التقارير إلى أن الاقتصاد الصيني يفقد زخمه في الربع الحالي، مما يثير تساؤلات حول قدرته على تحقيق أهداف النمو السنوية.

تأثير التوترات التجارية

على الرغم من التوصل إلى هدنة مؤقتة في التوترات التجارية مع الولايات المتحدة بعد اجتماع بين الرئيسين شي جين بينغ ودونالد ترامب في كوريا الجنوبية، إلا أن حالة عدم اليقين لا تزال قائمة. فقد شهدت الصادرات الصينية انخفاضًا غير متوقع في أكتوبر مع تصاعد الخلاف التجاري، حيث لم يتمكن الطلب العالمي من تعويض انخفاض الشحنات إلى الولايات المتحدة.

بالإضافة إلى ذلك، شهدت الشركات الصناعية الصينية تراجعًا في أرباحها خلال شهر أكتوبر، وهو ما يمثل أول انخفاض منذ ثلاثة أشهر. ويعكس هذا التراجع الضغوط المتزايدة على الشركات بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وتراجع الطلب.

هشاشة الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة

لا تزال التفاصيل الأساسية للاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة قيد التفاوض، بما في ذلك قضايا حساسة مثل شحنات الصين من المعادن الأرضية النادرة. هذا يؤكد على هشاشة الاتفاق واحتمالية تجدد التوترات في المستقبل القريب. كما أضاف الخلاف الدبلوماسي الأخير مع اليابان طبقة إضافية من عدم اليقين التجاري، حيث تدرس بكين اتخاذ إجراءات اقتصادية مضادة.

تعتبر العلاقات التجارية الدولية عاملاً رئيسيًا في تحديد مسار النمو الاقتصادي في الصين. وتشير البيانات إلى أن أي تصعيد في التوترات التجارية يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التباطؤ في نشاط التصنيع وتراجع الصادرات.

استجابة الحكومة الصينية

حتى الآن، لم تبدُ الحكومة الصينية مستعدة لإطلاق حزمة تحفيز اقتصادي كبيرة. فقد بات هدف النمو السنوي عند حوالي 5% في متناول اليد، مما يقلل من الحاجة إلى تدخل حكومي واسع النطاق.

ومع ذلك، فقد ضخت الصين بالفعل حوافز إضافية بقيمة تريليون يوان (حوالي 141 مليار دولار) منذ أواخر سبتمبر. وتشمل هذه الحوافز تخصيص حصص سندات غير مستخدمة للمقاطعات لتعزيز الاستثمار وسداد المتأخرات المستحقة للشركات، بالإضافة إلى توفير تمويل جديد للبنوك السياسية لدعم الاستثمار.

مستقبل نشاط التصنيع الصيني

من المتوقع أن يستمر التباطؤ في نشاط التصنيع الصيني في المدى القصير، خاصة في ظل حالة عدم اليقين التجاري المستمرة. سيكون من المهم مراقبة تطورات المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى البيانات الاقتصادية الصادرة في الأشهر المقبلة. من بين المؤشرات الرئيسية التي يجب متابعتها: مؤشر مديري المشتريات (PMI) الشهري، وبيانات الاستثمار، ومبيعات التجزئة، وأرباح الشركات الصناعية.

من المرجح أن تتخذ الحكومة الصينية خطوات إضافية لدعم الاقتصاد إذا استمر التباطؤ في التفاقم. ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت هذه الخطوات ستكون كافية لتحقيق أهداف النمو السنوية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version