تجنبت وكالتا بيانات عقارية صينيتان رئيسيتان نشر أرقام مبيعات المساكن الشهرية لمطوري العقارات الكبار، في خطوة أثارت قلقًا متزايدًا بشأن استقرار قطاع العقارات الصيني. يأتي هذا التأجيل بعد أن طلبت شركة “تشاينا فانكي” المملوكة للدولة تمديدًا لسداد ديونها، مما زاد من المخاوف بشأن الوضع المالي للشركات العقارية في البلاد.

لم تصدر “تشاينا ريال إستيت إنفورميشن كورب” و”تشاينا إندكس أكاديمي” بيانات المبيعات المجمعة لأكبر 100 مطور عقاري لشهر نوفمبر، وهو ما اعتبره مراقبون خروجًا عن الممارسة المعتادة. الوكالتان، اللتان تعتبران من المصادر الرئيسية للبيانات العقارية في الصين، لم تقدم أي تفسير رسمي لهذا التأخير.

تأثير طلب “فانكي” على بيانات العقارات

يأتي هذا التأجيل في وقت يشهد فيه قطاع العقارات الصيني ضغوطًا متزايدة. فقد سعت “فانكي”، التي كانت تعتبر في السابق من بين الشركات الأكثر استقرارًا ماليًا، إلى تمديد أجل سداد سنداتها المحلية الأسبوع الماضي، وهو ما أثار صدمة في السوق. هذه الخطوة تضاف إلى سلسلة من المشاكل التي تواجه القطاع، بما في ذلك التخلف عن السداد من قبل شركات كبرى مثل “إيفرغراند” و”كانتري غاردن”.

توقعات قاتمة للأسعار والمبيعات

وفقًا لتحليل كريستي هونغ، كبيرة محللي العقارات في “بلومبرغ إنتليجنس”، فإن حجب بيانات المبيعات قد يزيد من حالة عدم اليقين السائدة في القطاع. وتشير هونغ إلى أن بيانات نوفمبر المحتملة كانت ستظهر على الأرجح انخفاضات حادة في المبيعات.

تتشارك البنوك العالمية هذا التشاؤم، حيث تشير التقديرات إلى استمرار ضعف المبيعات في الربع الثاني من العام. وتتوقع “يو بي إس” أن أسعار المنازل ستواصل الانخفاض لمدة عامين على الأقل، حيث انخفضت أسعار المنازل المستعملة بالفعل بأكثر من الثلث في المدن الكبرى.

بالإضافة إلى ذلك، حذرت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني من احتمال انخفاض مبيعات المنازل الجديدة بنسبة تتراوح بين 15% و20% قبل أن يستقر القطاع. وتتوقع الوكالة أن الديون المتعثرة المرتبطة بالعقارات ستبقى مرتفعة العام المقبل.

تداعيات أوسع على الاقتصاد الصيني

يعتبر الاستثمار العقاري محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي في الصين، ويمثل جزءًا كبيرًا من الناتج المحلي الإجمالي. لذلك، فإن أي تدهور في هذا القطاع يمكن أن يكون له تداعيات واسعة النطاق على الاقتصاد ككل. كما أن تراجع أسعار العقارات يمكن أن يؤثر سلبًا على ثروة الأسر ويقلل من الإنفاق الاستهلاكي.

ومع ذلك، تواصل الحكومة الصينية جهودها لدعم القطاع، من خلال تقديم حوافز للمشترين وتخفيف القيود على الإقراض. لكن فعالية هذه الإجراءات لا تزال غير مؤكدة، خاصة في ظل استمرار المخاوف بشأن الديون المتراكمة على الشركات العقارية.

لم تصدر “تشاينا ريال إستيت إنفورميشن” و”تشاينا إندكس أكاديمي” أي تعليق رسمي حتى الآن بشأن سبب تأخير نشر البيانات. ويراقب المستثمرون والمحللون عن كثب التطورات في سوق العقارات الصيني، في انتظار أي إشارات جديدة حول مسار القطاع.

مستقبل قطاع العقارات الصيني

من المتوقع أن تستمر حالة عدم اليقين في قطاع العقارات الصيني في المدى القصير. سيراقب السوق عن كثب أي بيانات جديدة تصدرها الوكالات العقارية، بالإضافة إلى أي إجراءات إضافية تتخذها الحكومة لدعم القطاع. كما أن تطورات الوضع المالي لشركة “فانكي” سيكون له تأثير كبير على ثقة المستثمرين.

من المرجح أن يستمر التركيز على إدارة الديون وتقليل المخاطر في القطاع. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح متى سيستعيد القطاع زخمه ويعود إلى النمو المستدام. ستكون البيانات الاقتصادية القادمة، بما في ذلك أرقام النمو والبطالة، حاسمة في تقييم مستقبل الاستثمار في العقارات في الصين.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version