دعت ست دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، بقيادة إيطاليا، المفوضية الأوروبية إلى إعادة النظر في القواعد المتعلقة بانبعاثات المركبات، وذلك في محاولة لتخفيف القيود التي قد تؤدي إلى حظر فعال لـ محركات الاحتراق الداخلي بحلول منتصف العقد القادم. يأتي هذا الطلب في ظل تزايد المخاوف بشأن القدرة التنافسية لصناعة السيارات الأوروبية والتحول نحو السيارات الكهربائية.

تخفيف قيود انبعاثات السيارات: دعوة أوروبية

طالب رؤساء وزراء هذه الدول، بما في ذلك إيطاليا وبولندا، بأن تسمح المراجعة القادمة لقواعد الاتحاد الأوروبي الخاصة بالسيارات الجديدة باستمرار استخدام السيارات الهجينة القابلة للشحن الخارجي، وتقنيات إطالة مسافة القيادة، وخلايا الوقود حتى بعد عام 2035. وقد تم توجيه هذه المطالبة في رسالة رسمية إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وفقًا لما ذكرته وكالة بلومبرغ.

أبعاد الأزمة ومخاوف تنافسية

أكد القادة في رسالتهم أنهم يواجهون نقطة تحول حاسمة تؤثر على قطاع السيارات وصناعة المكونات المرتبطة به في أوروبا، بالإضافة إلى أهداف الاتحاد الأوروبي المناخية. ويرون أنه من الضروري تحقيق الأهداف المناخية بطريقة فعالة دون المساس بالقدرة التنافسية، مشيرين إلى أن “صناعة بلا وظائف ليست صديقة للبيئة”.

تأتي هذه الدعوة في أعقاب تحذيرات متزايدة من قبل شركات تصنيع السيارات الأوروبية من أن الحظر الكامل على محركات الاحتراق الداخلي قد يكون غير واقعي في الوقت الحالي. وتشير التقارير إلى أن وتيرة التحول نحو السيارات الكهربائية أبطأ من المتوقع، مما يثير تساؤلات حول جدوى تحقيق الأهداف الطموحة للاتحاد الأوروبي.

تأثير التكاليف المتزايدة

تواجه صناعة السيارات الأوروبية تحديات كبيرة بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والعمالة، مما يدفع الشركات إلى تقليل عدد الوظائف ونقل استثماراتها إلى مناطق أخرى ذات تكاليف أقل. في المقابل، تتبنى فرنسا سياسة “الأفضلية الأوروبية” للسيارات الكهربائية بهدف حماية الوظائف المحلية.

تسعى شركات كبرى مثل ستيلانتس وفولكس واجن ورينو إلى الحصول على وضوح بشأن مستقبل هذه القيود، حيث تخطط لاستثمارات بمليارات اليورو في السنوات القادمة. وتعتبر هذه الاستثمارات حاسمة لتطوير تقنيات جديدة وتحديث خطوط الإنتاج.

الخلفية: أهداف الاتحاد الأوروبي المناخية

يهدف الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وقد وضع خططًا طموحة لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في مختلف القطاعات، بما في ذلك قطاع النقل. وتعتبر السيارات الكهربائية جزءًا أساسيًا من هذه الخطط، حيث يُنظر إليها على أنها وسيلة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتحسين جودة الهواء في المدن.

ومع ذلك، يرى البعض أن التركيز المفرط على السيارات الكهربائية قد يكون له عواقب سلبية على الصناعة والوظائف. ويجادلون بأنه يجب السماح بمجموعة متنوعة من التقنيات، بما في ذلك السيارات الهجينة وخلايا الوقود، للمساهمة في تحقيق الأهداف المناخية.

مراجعة القواعد وتأثيرها المحتمل

كان من المقرر إجراء مراجعة للقواعد الحالية في عام 2026، ولكن تم تقديمها إلى موعد أقرب بسبب التطورات الأخيرة في صناعة السيارات. ومن المتوقع أن تكشف المفوضية الأوروبية عن نتائج المراجعة خلال الشهر الجاري، مما قد يؤثر بشكل كبير على مستقبل صناعة السيارات في أوروبا. تعتبر السيارات الهجينة خيارًا وسطيًا قد يرضي بعض الأطراف.

بالإضافة إلى المخاوف التنافسية، تثير الرسوم الجمركية الأمريكية الأخيرة أيضًا قلقًا في أوروبا. وتخشى بعض الدول من أن هذه الرسوم قد تؤدي إلى زيادة المنافسة من الشركات الصينية، مما قد يضر بصناعة السيارات الأوروبية. التحول نحو المركبات الكهربائية يواجه تحديات لوجستية وبنية تحتية.

أكد القادة الموقعون على الرسالة على أهمية “الحياد التكنولوجي”، مشيرين إلى أنه لا يوجد حل واحد مثالي لتحقيق إزالة الكربون. ويرون أن فرض حل تكنولوجي واحد قد يعيق البحث والابتكار والمنافسة البناءة.

من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة نقاشات مكثفة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية حول مستقبل قواعد انبعاثات السيارات. وستركز هذه النقاشات على إيجاد توازن بين الأهداف المناخية والاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية. القرار النهائي بشأن هذه القواعد سيكون له تأثير بعيد المدى على صناعة السيارات الأوروبية ومستقبل التنقل في القارة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version