شهدت أسواق الأسهم الأمريكية ارتفاعًا ملحوظًا، مدفوعةً بتحليل المستثمرين لمجموعة من التقارير الاقتصادية، مما دفع مؤشرات الأسهم إلى تسجيل مستويات قياسية جديدة. في المقابل، شهدت السندات قصيرة الأجل أداءً ضعيفًا، بينما انخفضت قيمة الدولار الأمريكي. هذا الارتفاع في الأسهم الأمريكية يأتي في ظل حالة من الترقب بشأن مستقبل السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي.

ارتفع مؤشر “إس أند بي 500” لليوم الرابع على التوالي، مدعومًا بشكل أساسي بقطاع التكنولوجيا، على الرغم من أن حجم التداول كان أقل من المتوسط ​​خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وذلك قبيل عطلة عيد الميلاد. ويعكس هذا الارتفاع تفاؤلًا حذرًا في السوق، حيث يراقب المستثمرون عن كثب البيانات الاقتصادية.

النمو الاقتصادي الأمريكي وتأثيره على الأسهم

أظهرت البيانات الاقتصادية نموًا أسرع للاقتصاد الأمريكي، حيث بلغ معدل النمو 4.3%، متجاوزًا معظم التوقعات. ومع ذلك، لم تشجع هذه البيانات التوقعات بخفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في المدى القريب، حيث ظلت عوائد سندات الخزانة لأجل عامين فوق 3.5%.

يرى بريت كينويل من “إيتورو” أن “الاقتصاد الأمريكي يواصل النمو بوتيرة معتدلة، لكن ثقة المستهلك قد تشير إلى صورة مختلفة”. وأضاف: “إذا حافظ المستهلكون على مرونتهم خلال فترة العطلات، فسيكون ذلك مؤشرًا إيجابيًا للناتج المحلي الإجمالي”.

تجاوز مؤشر “إس أند بي 500” حاجز 6900 نقطة، بينما شهدت النسخة المتساوية الأوزان انخفاضًا طفيفًا. كما ارتفع مؤشر شركات التكنولوجيا الكبرى بنحو 1%، في حين كان أداء الشركات الأصغر حجماً أقل من المتوقع.

توقعات أداء السوق في الفترة القادمة

من المتوقع أن تبدأ فترة انتعاش سوق الأسهم المرتقبة رسميًا الأربعاء المقبل. تاريخيًا، حقق مؤشر “إس أند بي 500” متوسط ​​عائد قدره 1.3% خلال هذه الفترة، مع نتائج إيجابية في 78% من الحالات، وفقًا لآدم تورنكويست من شركة “إل بي إل فاينانشال”. ومع ذلك، أكد تورنكويست أن هذه الاتجاهات الموسمية تعكس توجهات تاريخية وليست ضمانات.

تعتبر جلسة التداول التي تلي عيد الميلاد تقليديًا الأكثر إيجابية على مدار العام بالنسبة للأسهم، حيث انخفض مؤشر “إس أند بي 500” ست مرات فقط في السنوات الـ39 التي تلت عام 1953 عندما كان السوق مفتوحًا في 26 ديسمبر، وفقًا لمجموعة “بيسبوك” للاستثمار.

الذكاء الاصطناعي والإنفاق الاستهلاكي كمحركات للنمو

يرى دانيال سكيلي، رئيس فريق أبحاث السوق والاستراتيجية لإدارة الثروات في “مورغان ستانلي”، أن “الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والإنفاق الاستهلاكي الراقي سيستمران في دفع النمو الاقتصادي في عام 2026”. وأضاف: “على الرغم من التحديات المحتملة، هناك أسباب للاعتقاد بأن السوق قادر على مواصلة النمو بما يتماشى مع نمو الأرباح”.

أدلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتصريحات حول توقعاته بأن يخفض رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة إذا كان أداء السوق جيدًا، مما يعكس حرصه على اختيار مرشح ملتزم بخفض تكاليف الاقتراض.

تشير أسواق المال إلى أن احتمال خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في يناير أقل من 20%. الأسهم الأمريكية تتأثر بشكل كبير بتوقعات السياسة النقدية.

تأثير البيانات الاقتصادية على التوقعات

أظهرت بيانات إضافية انخفاض طلبات الولايات المتحدة على معدات الأعمال بأكثر من المتوقع في أكتوبر، بينما كانت شحنات السلع الرأسمالية غير الدفاعية أقوى من المتوقع، مما يشير إلى بعض الزخم مع دخول الربع الأخير من العام. كما أظهر تقرير آخر أن الإنتاج الصناعي بالكاد زاد في المتوسط ​​خلال شهري أكتوبر ونوفمبر.

يُعطي الاقتصاد والأرباح وتيسير السياسة النقدية من قِبل الاحتياطي الفيدرالي زخمًا جيدًا للأسواق، لكن التقييمات المبالغ فيها، خاصة في شركات التكنولوجيا العملاقة، وتراجع تأثير خفض أسعار الفائدة، يعني أن العوائد ستعتمد بشكل أكبر على نمو الأرباح ومشاركة السوق الأوسع نطاقاً، وفقًا لأدريان هيلفرت من “ويستوود”.

في الختام، يظل أداء الأسهم الأمريكية مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالبيانات الاقتصادية وتوقعات السياسة النقدية. من المتوقع أن يراقب المستثمرون عن كثب بيانات التضخم ومؤشرات سوق العمل في الأشهر القادمة لتقييم المسار المستقبلي للاقتصاد وتحديد ما إذا كان سيستمر هذا الاتجاه الصعودي في الأسواق.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version