أصدرت السلطات الصينية مجموعة جديدة من اللوائح التنظيمية تهدف إلى تنظيم تسعير منصات الإنترنت، وذلك بهدف حماية حقوق المستهلكين والتجار على حد سواء. تأتي هذه الخطوة في إطار جهود مستمرة لضمان المنافسة العادلة وشفافية الأسعار في قطاع التجارة الإلكترونية الصيني الضخم. ومن المقرر أن تدخل هذه القواعد حيز التنفيذ في العاشر من أبريل عام 2026.
أعلنت إدارة الفضاء الإلكتروني الصينية (CAC) عن هذه القواعد الجديدة يوم السبت، مؤكدةً على حق التجار في تحديد أسعار منتجاتهم وخدماتهم بشكل مستقل عبر مختلف المنصات الإلكترونية، وذلك وفقًا للقانون. تهدف هذه اللوائح إلى منع الممارسات الاحتكارية وتقييد التدخلات غير المبررة من قبل مشغلي المنصات في استراتيجيات التسعير الخاصة بالتجار.
تنظيم تسعير منصات الإنترنت: حماية المنافسة والتجار
تعتبر هذه القواعد بمثابة تطور هام في جهود بكين للحد من النفوذ المتزايد لمنصات الإنترنت الكبرى، مثل علي بابا وتنسنت، والتي تهيمن على جزء كبير من سوق التجارة الإلكترونية في الصين. تسعى الحكومة الصينية إلى تحقيق توازن بين تشجيع الابتكار الرقمي وضمان بيئة تجارية عادلة لجميع المشاركين.
القيود المفروضة على المنصات
وفقًا للوائح الجديدة، يُمنع على مشغلي المنصات فرض قيود غير معقولة على التجار فيما يتعلق بالتسعير. ويشمل ذلك منع رفع الرسوم بشكل تعسفي، أو تقييد وصول التجار إلى حركة المرور على المنصة، أو إزالة منتجاتهم وخدماتهم بشكل غير مبرر. تهدف هذه الإجراءات إلى تمكين التجار، وخاصةً الشركات الصغيرة والمتوسطة، من المنافسة بفعالية.
بالإضافة إلى ذلك، تشدد اللوائح على ضرورة أن تكون عروض الدعم التي تقدمها المنصات للتجار “عادلة ونزيهة”، وتجنب أي ادعاءات مضللة أو مبالغ فيها حول قيمتها. يأتي هذا في سياق مخاوف متزايدة بشأن استخدام المنصات الكبرى لقوتها السوقية لفرض شروط غير عادلة على التجار.
أهمية التجارة الإلكترونية في الصين
تعد التجارة الإلكترونية قطاعًا حيويًا في الاقتصاد الصيني، حيث تشهد نموًا سريعًا ومستمرًا. وفقًا لبيانات حديثة، تجاوز حجم مبيعات التجزئة عبر الإنترنت في الصين 13 تريليون يوان (حوالي 1.8 تريليون دولار أمريكي) في عام 2023. وبالنظر إلى هذا الحجم الهائل، فإن تنظيم تسعير منصات الإنترنت يعتبر أمرًا بالغ الأهمية لضمان استقرار السوق وحماية مصالح المستهلكين.
ومع ذلك، يواجه قطاع التجارة الإلكترونية الصيني تحديات متعددة، بما في ذلك المنافسة الشديدة، والمخاوف بشأن جودة المنتجات، وقضايا حماية البيانات. تسعى الحكومة الصينية إلى معالجة هذه التحديات من خلال سلسلة من الإجراءات التنظيمية، بما في ذلك اللوائح الجديدة المتعلقة بالتسعير.
التجارة الرقمية في الصين تشهد تطورات متسارعة، مما يجعل التنظيم المستمر ضرورة ملحة. كما أن شفافية الأسعار تعتبر من أهم الأولويات التي تسعى الحكومة لتحقيقها من خلال هذه اللوائح.
في المقابل، يرى بعض المحللين أن هذه اللوائح قد تؤدي إلى تباطؤ الابتكار في قطاع التجارة الإلكترونية، حيث قد تتردد المنصات في تقديم عروض دعم جديدة خوفًا من مخالفة القواعد. ومع ذلك، يرى آخرون أن هذه اللوائح ستخلق بيئة تجارية أكثر عدالة واستدامة على المدى الطويل.
تأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من الإجراءات التنظيمية التي اتخذتها الصين ضد شركات التكنولوجيا الكبرى في السنوات الأخيرة، بما في ذلك فرض غرامات مالية كبيرة على علي بابا وتنسنت بسبب ممارسات احتكارية. تعكس هذه الإجراءات تحولًا في السياسة الصينية نحو تنظيم أكثر صرامة لقطاع التكنولوجيا.
من المتوقع أن تواصل إدارة الفضاء الإلكتروني الصينية مراقبة تنفيذ هذه اللوائح الجديدة عن كثب، واتخاذ إجراءات إضافية إذا لزم الأمر. كما من المرجح أن تصدر الإدارة توجيهات تفصيلية حول كيفية تطبيق هذه القواعد على مختلف أنواع المنصات الإلكترونية.
في الختام، من المقرر أن تبقى هذه اللوائح سارية لمدة خمس سنوات، مع إمكانية تجديدها أو تعديلها بناءً على التطورات في سوق التجارة الإلكترونية. سيكون من المهم مراقبة كيفية استجابة المنصات والتجار لهذه اللوائح الجديدة، وتأثيرها على المنافسة والابتكار في قطاع تسعير منصات الإنترنت في الصين.

