شهدت أسواق العقود الآجلة للحبوب والبذور الزيتية ارتفاعاً طفيفاً في الولايات المتحدة، وذلك على خلفية تجدد المخاوف المتعلقة بتصدير المحاصيل من منطقة البحر الأسود بعد تعرض البنية التحتية في أوكرانيا وروسيا لهجمات متزايدة. وتثير هذه التطورات قلقاً بشأن إمدادات الغذاء العالمية، خاصة مع أهمية المنطقة كمصدر رئيسي للقمح وزيت دوار الشمس. هذا الارتفاع في أسعار الحبوب جاء بعد فترة من الاستقرار النسبي، مدفوعاً بتقييمات المخاطر الجديدة.

أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تعرض منشآت بنية تحتية وسفن في منطقة فولنا المطلة على البحر الأسود لهجوم بطائرات مسيرة. تضم هذه المنطقة ميناء تامان البحري، الذي يلعب دوراً حيوياً في مناولة الحبوب والأسمدة والنفط. لم يصدر بيان واضح من السلطات المحلية حول الأهداف المحددة التي استهدفها الهجوم.

في المقابل، كثفت القوات الروسية هجماتها على الموانئ الأوكرانية في منطقة أوديسا على البحر الأسود، بما في ذلك ميناء بيفدينيي، وهو من أكبر موانئ البلاد. ووفقاً للمتحدث باسم نائب رئيس الوزراء الأوكراني أوليكسي كوليبا، تعرض ميناء شحن تابع لشركة “أول سيدز” المتخصصة في البذور الزيتية لضرر خلال نهاية الأسبوع. لم يتمكن مراقبون من الوصول إلى مسؤولي الشركة في كييف وجنيف وأوديسا للحصول على تعليق فوري.

خلال الليل، استهدفت روسيا ميناء بيفدينيي مرة أخرى، مما أدى إلى اندلاع النيران في 30 حاوية محملة بالدقيق والزيت النباتي، حسبما أفاد كوليبا. وتشير هذه الأحداث إلى تصعيد في استهداف البنية التحتية اللوجستية الأوكرانية.

تأثير الهجمات على أسعار الحبوب والإمدادات العالمية

تُعد كل من أوكرانيا وروسيا من بين أكبر مصدري الحبوب وزيت دوار الشمس في العالم. ويؤدي تزايد وتيرة الهجمات على المنشآت الحيوية في هذه الدول إلى تقويض قدرتهما على الوفاء بالتزاماتهما التجارية، وبالتالي التأثير على الأسواق العالمية. وتشمل هذه التأثيرات ارتفاعاً محتملاً في أسعار المواد الغذائية عالمياً.

في شيكاغو، ارتفع سعر القمح بنسبة تصل إلى 0.8%، مما يمثل انتعاشاً بعد أسوأ أداء أسبوعي له منذ شهر أغسطس، والذي كان ناتجاً عن توقعات فائض في المعروض. كما شهدت العقود الآجلة للكانولا، وهي بذرة زيتية منافسة لدوار الشمس، ارتفاعاً بنسبة تصل إلى 2% في نيويورك. تعكس هذه التحركات في السوق حساسية المستثمرين تجاه الاضطرابات المحتملة في الإمدادات.

توقعات بتأثر إمدادات زيت دوار الشمس

أعرب أشيش أشاريا، نائب الرئيس في شركة “باتانجالي فودز”، وهي من أكبر شركات شراء الزيوت النباتية في الهند، عن قلقه بشأن تأثير الهجمات على إمدادات زيت دوار الشمس الأوكراني. وأشار إلى أن الهجمات قد تؤثر بشكل خاص على الشحنات المتجهة إلى أوروبا والهند، والتي تعتمد بشكل كبير على صادرات “أول سيدز” وغيرها من الشركات الكبرى. وأكد على أن الوضع قد يتدهور أكثر في حال استمرار وتصاعد الهجمات.

جهود دبلوماسية مستمرة

أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه اليومي أن الدولة تولي اهتماماً كبيراً بالوضع في منطقة أوديسا. وأضاف أن الهجمات الروسية تمثل محاولة لعرقلة وصول أوكرانيا إلى الممرات اللوجستية البحرية، داعياً المجتمع الدولي إلى عدم الوقوف مكتوف الأيدي حيال هذه التطورات.

تأتي هذه التصريحات في الوقت الذي تجري فيه أوكرانيا محادثات مع الولايات المتحدة حول اتفاق سلام محتمل. في الوقت نفسه، تقوم أوكرانيا بتكثيف هجماتها على السفن المرتبطة بتجارة النفط الروسي، بهدف تقليص إيرادات موسكو التي تستخدم لتمويل العمليات العسكرية.

أما في أسواق السلع الأخرى، فقد استمر المتداولون في مراقبة التزام الصين، أكبر مستهلك للبذور الزيتية في العالم، بتعهدها بشراء فول الصويا الأميركي. وفي ظل التقلبات الجيوسياسية، فإن قرارات الشراء الصينية تلعب دوراً مهماً في تحديد اتجاه الأسعار.

من المتوقع أن تستمر في مراقبة تطورات الوضع في منطقة البحر الأسود في الأيام والأسابيع القادمة. وستكون البيانات الاقتصادية المتعلقة بتصدير الحبوب وزيت دوار الشمس، بالإضافة إلى نتائج المحادثات الدبلوماسية، حاسمة في تقييم التأثير طويل المدى لهذه الأحداث على سوق السلع. كما يجب متابعة أي تغييرات في استراتيجية الهجوم الروسية وتأثيرها المحتمل على البنية التحتية الأوكرانية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version