أعلن مصرف سورية المركزي عن خطة لإعادة هيكلة الليرة السورية تتضمن حذف صفرين من العملة، وذلك في إطار جهود تهدف إلى تبسيط التعاملات المالية وتحسين الوضع الاقتصادي. ومن المقرر أن تبدأ عملية استبدال العملة القديمة بالجديدة في الأول من يناير 2026، على أن تستمر لمدة 90 يومًا قابلة للتجديد، وستكون مجانية تمامًا.

جاء الإعلان في مؤتمر صحفي عقده حاكم مصرف سورية المركزي، عبد القادر الحصرية، اليوم، وأشار فيه إلى أن كل 100 ليرة سورية قديمة ستعادل ليرة سورية جديدة واحدة. ويهدف هذا الإجراء إلى معالجة التضخم الهائل الذي شهدته البلاد على مدار السنوات الماضية، والذي أدى إلى تدهور قيمة العملة بشكل كبير.

إعادة هيكلة الليرة السورية: التفاصيل والجدول الزمني

وفقًا للحصرية، يبلغ حجم النقد المصدر حاليًا 42 تريليون ليرة سورية، بالإضافة إلى 13 مليار قطعة نقدية. ويُذكر أن حجم النقد المصدر في عام 2011 كان يقتصر على تريليون ليرة سورية واحدة فقط، مما يعكس حجم التدهور الذي طرأ على الاقتصاد السوري خلال فترة الحرب والأزمة.

ستتعايش العملة القديمة والجديدة خلال فترة الاستبدال، وسيتم في المرحلة الأولى استبدال فئات 1000 و 2000 و 5000 ليرة سورية من العملة القديمة. وسيتم الإعلان لاحقًا عن موعد استبدال الفئات النقدية المتبقية. وأكد المصرف المركزي على أنه سيحافظ على قيمة العملة الجديدة من خلال سياسات نقدية وإجراءات تهدف إلى ضبط السوق.

تأثير إلغاء عقوبات قيصر

يأتي هذا الإعلان في أعقاب توقيع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على مشروع قانون يسمح بإلغاء بعض العقوبات المفروضة على سوريا، بما في ذلك تلك المتعلقة بقانون “قيصر”. ويرى الحصرية أن هذا الإلغاء يفتح آفاقًا جديدة أمام الاقتصاد السوري، بما في ذلك إمكانية الحصول على تصنيف ائتماني سيادي، ويسهل من عملية إعادة دمج سوريا في النظام المالي الدولي.

آلية الاستبدال وتفادي المضاربة

أكد الحصرية أن عملية استبدال العملة ستكون مجانية تمامًا، وسيُحظر فرض أي رسوم أو عمولات أو ضرائب تحت أي مسمى. ويهدف هذا الإجراء إلى تشجيع المواطنين على استبدال عملاتهم القديمة دون تحمل أي أعباء إضافية.

ولضمان وضوح التعاملات ومنع أي محاولات للمضاربة، سيصدر مصرف سورية المركزي نشرات رسمية بأسعار الصرف بالعملتين القديمة والجديدة بشكل دوري. هذه النشرات ستكون متاحة للجمهور وستساعد على توحيد الأسعار وتجنب أي تلاعب.

منذ بداية الأزمة في عام 2011، فقدت العملة السورية أكثر من 99% من قيمتها، حيث وصل سعر الصرف حاليًا إلى حوالي 11 ألف ليرة سورية مقابل الدولار الأمريكي، مقارنة بـ 50 ليرة سورية قبل اندلاع الحرب. هذا التدهور الحاد في قيمة الليرة أدى إلى ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين.

تعتبر هذه الخطوة جزءًا من سلسلة إصلاحات اقتصادية يتبناها مصرف سورية المركزي، والتي تهدف إلى استعادة الاستقرار الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة المواطنين. وتشمل هذه الإصلاحات أيضًا جهودًا لزيادة الإنتاج المحلي وتشجيع الاستثمار وجذب رؤوس الأموال الأجنبية.

بالإضافة إلى العملة الورقية، ستصدر الليرة السورية الجديدة بفئات نقدية مختلفة، حيث سيتم طرح 8 فئات ورقية جديدة للتداول. لم يتم الكشف عن تفاصيل هذه الفئات بعد، ولكن من المتوقع أن تكون مصممة بشكل حديث ومزودة بأحدث التقنيات الأمنية لمنع التزوير.

من الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها سوريا بإعادة هيكلة عملتها. ففي عام 2021، تم حذف ثلاثة أصفار من الليرة السورية، ولكن هذا الإجراء لم يتمكن من وقف التدهور المستمر في قيمة العملة.

الخطوة القادمة المتوقعة هي البدء في حملات توعية مكثفة للمواطنين حول كيفية استبدال العملة القديمة بالجديدة، والتعامل مع الأسعار الجديدة. كما يجب على المصرف المركزي الاستمرار في مراقبة السوق عن كثب واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أي مضاربات أو استغلال. يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق الاستقرار الاقتصادي المستدام، وهو أمر يتطلب معالجة الأسباب الجذرية للتضخم وتدهور قيمة الليرة، بما في ذلك الأزمة السياسية والقيود المفروضة على التجارة والاستثمار.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version