تشهد العلاقات الاقتصادية بين مصر والإمارات تطوراً ملحوظاً، حيث كثّفت البلدان مفاوضاتهما لإبرام اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة. تهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين، ودعم النمو الاقتصادي المستدام، وفقاً لما أعلنت وزارة التجارة الخارجية الإماراتية. ومن المتوقع أن تفتح هذه الخطوة آفاقاً جديدة للتعاون في مختلف القطاعات.
ترأس وزير التجارة الخارجية الإماراتي، ثاني الزيودي، وفداً حكومياً رفيع المستوى إلى مصر، حيث جرت مناقشات مكثفة مع وزير الاستثمار المصري، حسن الخطيب. ركزت المحادثات على تفاصيل الاتفاقية، بما في ذلك قواعد المنشأ للمنتجات، واللوائح المتعلقة بالمناطق الحرة، بالإضافة إلى التجارة في الخدمات والتجارة الرقمية. وتأتي هذه المفاوضات في أعقاب استثمارات إماراتية ضخمة في مصر.
تعزيز التجارة والاستثمار من خلال اتفاقية الشراكة الاقتصادية
بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين مصر والإمارات حوالي 8.4 مليار دولار أمريكي في العام الماضي، مسجلاً نمواً بنسبة 21% مقارنة بالعام الذي سبقه، وفقاً للبيانات الرسمية. يعكس هذا النمو القوي الروابط الاقتصادية المتينة بين البلدين، والرغبة المتبادلة في تعميقها. تعتبر هذه الأرقام مؤشراً إيجابياً على إمكانات التعاون الاقتصادي الكبيرة.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت شركة القابضة (ADQ) الإماراتية في وقت سابق من هذا العام عن استثمار بقيمة 35 مليار دولار في منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي المصري. يُعد هذا الاستثمار أكبر استثمار أجنبي مباشر في تاريخ مصر، ويشير إلى الثقة الكبيرة التي توليها الإمارات في الاقتصاد المصري. من المتوقع أن يخلق هذا المشروع فرص عمل جديدة ويعزز التنمية في المنطقة.
أهداف الاتفاقية ومجالات التعاون الرئيسية
تهدف اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة إلى إزالة الحواجز التجارية وتعزيز التعاون بين القطاع الخاص في كل من مصر والإمارات. تشمل المجالات الرئيسية للتعاون الزراعة، والتصنيع، والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى الخدمات والتجارة الرقمية. تسعى الاتفاقية أيضاً إلى توفير بيئة استثمارية أكثر جاذبية للمستثمرين من كلا البلدين.
أكد وزير التجارة الخارجية الإماراتي، ثاني الزيودي، أن هذه الاتفاقية ستمثل “بداية عهد جديد من التعاون والتنسيق” بين البلدين. وأضاف أن الاتفاقية ستساهم في تحقيق منافع متبادلة، وزيادة حجم التجارة، وتعزيز تدفقات الاستثمار، وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام. وتعتبر هذه التصريحات بمثابة تأكيد على الأهمية التي توليها الإمارات لهذه الشراكة.
يُذكر أن الإمارات العربية المتحدة قد وقعت حتى الآن 31 اتفاقية شراكة اقتصادية، دخل منها 14 حيز التنفيذ. وقد ساهمت هذه الاتفاقيات في تعزيز وصول الإمارات إلى الأسواق الناشئة، وارتفاع إجمالي حجم التجارة إلى حوالي 810 مليار دولار أمريكي، وفقاً للبيان الصادر عن وزارة التجارة الخارجية الإماراتية. تعتبر هذه الإنجازات دليلًا على فعالية استراتيجية الإمارات في تعزيز العلاقات التجارية الدولية.
تأتي هذه الجهود في سياق التوجه العام لدول المنطقة نحو تعزيز التكامل الاقتصادي وتوسيع نطاق التعاون التجاري والاستثماري. وتشهد المنطقة مبادرات مماثلة تهدف إلى خلق أسواق أكبر وتحقيق نمو اقتصادي أسرع. يعتبر هذا التوجه استجابة للتحديات الاقتصادية العالمية، ورغبة في الاستفادة من الفرص المتاحة.
من الجدير بالذكر أن مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين مصر والإمارات قد استمرت لعدة أشهر، وشملت اجتماعات مكثفة بين الفرق الفنية من الجانبين. وقد تم التوصل إلى تفاهمات كبيرة بشأن معظم بنود الاتفاقية، ولكن لا تزال هناك بعض التفاصيل التي تحتاج إلى مزيد من التشاور. تتضمن هذه التفاصيل الجوانب المتعلقة بحماية الاستثمار وحقوق الملكية الفكرية.
الخطوة التالية المتوقعة هي الانتهاء من صياغة النص النهائي للاتفاقية، ومن ثم التوقيع عليها من قبل المسؤولين المعنيين في كلا البلدين. لم يتم تحديد موعد نهائي للتوقيع حتى الآن، ولكن من المتوقع أن يتم ذلك في أقرب وقت ممكن. يجب مراقبة التقدم المحرز في هذه المفاوضات، والتأثير المحتمل للاتفاقية على الاقتصادين المصري والإماراتي.
في الختام، تمثل المفاوضات الجارية بشأن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين مصر والإمارات خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين. ومن المتوقع أن تساهم هذه الاتفاقية في زيادة التجارة والاستثمار، ودعم النمو الاقتصادي المستدام، وتحقيق منافع متبادلة لكلا الطرفين. تبقى متابعة التفاصيل النهائية والجدول الزمني للتوقيع على الاتفاقية أمراً بالغ الأهمية.

