أظهرت دراسات معملية حديثة نتائج واعدة، حيث تشير إلى أن تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA)، المعروفة بدورها في تطوير لقاحات كوفيد-19، قد توفر حماية فعالة ضد تلف العضلات الناجم عن لدغات الأفاعي السامة. هذه النتائج، التي نشرت في دورية (ترندس إن بيوتكنولوجي)، تثير الأمل في تطوير علاجات جديدة وأكثر فعالية لحالات التسمم بالأفاعي.
النتائج الأولية لهذه الاختبارات أجريت على خلايا بشرية وفئران، وتستهدف بشكل خاص السموم التي تفرزها أفعى الحفر، وهي من الأفاعي الشائعة في أمريكا الوسطى والجنوبية. وتأتي هذه الأبحاث في وقت لا تزال فيه لدغات الأفاعي تمثل مشكلة صحية عامة في العديد من المناطق حول العالم، خاصة في المناطق الريفية والنائية.
استخدام تقنية mRNA لمكافحة سموم الأفاعي
تعتمد الطريقة الجديدة على استخدام جزيئات دهنية دقيقة لتغليف جزيئات mRNA، والتي بدورها تحفز إنتاج أجسام مضادة واقية ضد السم. هذه الأجسام المضادة قادرة على تحييد السم وتقليل تأثيره المدمر على أنسجة العضلات. يُعد هذا النهج مبتكرًا لأنه يركز على منع السم من التسبب في الضرر في المقام الأول.
تحديات مضادات السموم التقليدية
على الرغم من أن مضادات السموم الحالية تلعب دورًا حيويًا في علاج لدغات الأفاعي، إلا أنها غالبًا ما تواجه صعوبات في الوصول إلى الأنسجة العضلية التالفة مباشرة حول موقع اللدغة. هذه المشكلة تؤدي إلى تأخر العلاج وتفاقم الضرر، مما قد يتسبب في مضاعفات طويلة الأمد أو حتى الوفاة في بعض الحالات. في المقابل، يمكن للأجسام المضادة المنتجة عن طريق mRNA أن تنتشر بسرعة وتستهدف الأنسجة المتضررة على نطاق أوسع.
أظهرت التجارب المعملية أن الأجسام المضادة الواقية تبدأ في الظهور في الخلايا العضلية البشرية في غضون 12 إلى 24 ساعة بعد حقن جزيئات الدهون الحاملة لـ mRNA. في الفئران، حقنت جرعة واحدة من mRNA قبل 48 ساعة من التعرض للسم وكانت قادرة على حماية أنسجة العضلات بشكل فعال.
السموم العصبية هي سبب رئيسي للمعاناة الناجمة عن لدغات الأفاعي، حيث تهاجم الجهاز العصبي وتسبب الشلل. يستهدف هذا البحث تحديدًا السموم التي تسبب تلفًا مباشرًا في العضلات، مما يمثل تقدمًا هامًا في فهم آليات عمل سموم الأفاعي وتطوير علاجات أكثر دقة.
ومع ذلك، يوضح الباحثون أن العلاج الحالي يتطلب إعطاءه قبل التعرض للسم. وهم يعملون حاليًا على تطوير نسخة يمكن إعطاؤها بعد اللدغة. وقالوا أن هذا الأسلوب يمكن أن يكون مكملاً لمضادات السموم التقليدية، حيث يعمل على تعزيز فعاليتها وتوسيع نطاق حمايتها.
علاوة على ذلك، يمكن للأجسام المضادة التي يتم نقلها عبر mRNA أن تحييد السموم في الدورة الدموية، بالإضافة إلى توفير حماية موضعية للأنسجة التي يصعب الوصول إليها بواسطة مضادات السموم التقليدية. وهذا يعزز إمكانات هذا النهج كعلاج شامل وفعال للتعرض لسموم الأفاعي.
الأبحاث الدوائية تعتبر حجر الزاوية في تطوير علاجات جديدة للأمراض المختلفة، بما في ذلك التسمم الحيوي. تعتبر تقنية mRNA الآن منصة قوية لتطوير لقاحات وعلاجات مبتكرة بفضل سرعتها وفعاليتها.
من الجدير بالذكر أن هذا البحث لا يزال في مراحله الأولية، ويتطلب المزيد من الدراسات والتجارب السريرية لتحديد سلامته وفعاليته على البشر. ومع ذلك، فإن النتائج الأولية مشجعة للغاية، وتفتح آفاقًا جديدة في مجال علاج لدغات الأفاعي.
الخطوة التالية المتوقعة هي إجراء تجارب سريرية على نطاق أوسع لتقييم فعالية العلاج القائم على mRNA في حالات التعرض لسموم الأفاعي لدى البشر. من المتوقع أن تستغرق هذه التجارب عدة سنوات لإكمالها، ولكنها قد تؤدي إلى تطوير علاج جديد يمكن أن ينقذ حياة الملايين من الأشخاص حول العالم. يجب مراقبة التقدم المحرز في هذه التجارب السريرية عن كثب، بالإضافة إلى أي تحديثات حول تطوير نسخة من العلاج يمكن إعطاؤها بعد التعرض للسم.

