|

تتكدس في الجانب المصري من معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة تجهيزات طبية حيوية في مستودعات تحت شمس لاهبة، وتصطف مئات الشاحنات المحملة بمساعدات غذائية ومواد أساسية أياما قبل أن يسمح لبعضها بالعبور إلى القطاع الفلسطيني المحاصر والمهدد بالمجاعة.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية -التي شاركت في جولة صحفية منظمة في المكان أمس الاثنين- عن محمود الشيخ سائق شاحنة محملة بالدقيق قوله إنه ينتظر السماح له بالعبور منذ قرابة أسبوعين، في ظل درجات حرارة خانقة.

مضيفا أن “300 شاحنة عادت أمس، وسمح بدخول 35 فقط”، مشيرا إلى الإسرائيليين، تحديد دخولها يعود إلى “مزاجهم، ولا يقولون لماذا”.

أما السائق حسين جمعة فقال إن نحو 150 شاحنة تصطف كل ليلة في الجانب المصري من المعبر. وإجمالا، تدخل هذه الشاحنات بوابة المعبر، وتتوجه نحو معبر كرم أبو سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية والواقع على بعد كيلومترات قليلة.

وهناك تخضع لتفتيش دقيق قبل دخولها إلى قطاع غزة “في الصباح، يفتّش الإسرائيليون ما يريدونه فقط، والباقي يقومون بإعادته”.

كما نقلت الوكالة عن 4 مسؤولين في الأمم المتحدة وسائقي شاحنات مساعدات ومتطوع في الهلال الأحمر المصري أن إسرائيل تمنع دخول تجهيزات طبية حيوية وخيم وتجهيزات لبنى تحتية خاصة بالمياه.

ويُمنع دخول مواد “ذات استخدام مزدوج”، أي قد تخدم غايات عسكرية، وتُعاد أخرى لأسباب بسيطة.

وتقول مسؤولة الاستجابة الطارئة في منظمة “أطباء بلا حدود” الفرنسية أماند بازيرول، خلال اتصال بها عبر تطبيق “زوم”، إن بعض المواد تُمنع مثلا “لمجرد أنها من الحديد”.

وفي الجانب المصري من معبر رفح، قال عاملون في المجال الإغاثي إن شحنة من الحمّالات للعناية المركزة لا تزال عند الجانب المصري من المعبر، على الرغم من تأكيد الأمم المتحدة حاجة القطاع الماسة لها، لأن إحدى المنصات النقالة التي وضعت عليها مصنوعة من البلاستيك عوضا عن الخشب.

وأشار متطوّع في الهلال الأحمر المصري إلى أن شحنات أخرى أُعيدت “لأن منصّة نقّالة كانت مائلة، أو لأن التغليف البلاستيكي لم يكن جيدا”.

وقالت رئيسة الهلال الأحمر أمل إمام “قد يكون رقم الموافقة الصادر عن الأمم المتحدة ملصقا على جانب المنصة النقالة، ما يعني أن كل الأطراف وافقت على دخولها، بما في ذلك وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية (كوغات)، لكن رغم ذلك تتم إعادتها عن الحدود”.

وتابعت إمام “لم أرَ طيلة عملي في مجال الإغاثة قيودا كهذه على المساعدات، بما في ذلك أصغر قطعة من الشاش”.

جندي مصري يقف عند الحدود (الفرنسية)

 ممنوعات

ونقلت الوكالة عن مسؤول في منظمة الصحة العالمية، لم تذكر اسمه، قوله “إن دخول أدوية بسيطة مثل تلك المضادة للحمى قد يستغرق أسبوعا، بينما تضطر منظمة الصحة العالمية للتعجيل في إدخال الأنسولين وأدوية حيوية أخرى يتوجب حفظها في حرارة متدنية، في شاحنات عادية عندما ترفض السلطات الإسرائيلية دخول تلك المبرّدة”.

وفي مستودع بالجانب المصري من الحدود مع غزة، تتكدس عشرات قوارير الأكسجين التي كساها الغبار بعد منع إدخالها، وبقربها كراسٍ متحركة ومراحيض متنقلة ومولدات كهرباء.

وقال أحد العاملين مع الأمم المتحدة، رفض ذكر اسمه، منتقدا التعنت الإسرائيلي “كأنهم يرفضون كل ما يمكن أن يقدّم لمسة إنسانية”.

وتؤكد المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للمنظمة الدولية (أوتشا) أولغا شيريفكو، ردا على سؤال عبر تطبيق “زوم”، أن قائمة الممنوعات هي عبارة عن “صفحات طويلة”.

وتتضارب الأرقام حول عدد الشاحنات التي تدخل إلى قطاع غزة، فبينما أفاد مسؤول في منظمة الصحة العالمية بأن قرابة 50 شاحنة تدخل غزة يوميا، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الذي زار المعبر أمس برفقة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، إن العدد يتراوح بين 130 و150 يوميا، وقد يصل إلى 200، مؤكدا أن عدد الشاحنات التي تنتظر يتخطى 5 آلاف. ووصف التأخير والقيود بأنه “تجويع ممنهج”.

 

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (وسط) برفقة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى يساره خلال مؤتمر صحفي على الجانب المصري من معبر رفح الحدودي (الفرنسية)

نفاد المخزون

وكانت وحدة التنسيق التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية قد نفت الأسبوع الماضي منع دخول المساعدات، متهمة حركة حماس باستغلال المساعدات “لتعزيز قدراتها العسكرية”.

وفي آخر بيان منشور لها، قالت إن 320 شاحنة مساعدات دخلت قطاع غزة الأحد الماضي، فيما تم إلقاء 161 حمولة من الجو في عملية شاركت فيها الأردن والإمارات وألمانيا وبلجيكا وإيطاليا وفرنسا وهولندا والدانمارك وإندونيسيا.

وتحذّر منظمة “أطباء بلا حدود” من أن الإبطاء في دخول المساعدات يعرقل توافر تجهيزات حيوية لعلاج الإصابات.

وتقول مسؤولة الاستجابة الطارئة في المنظمة “الناس يواجهون خطر فقدان أطرافهم ما لم تتوافر التجهيزات الأساسية”، مضيفة أن المخزون يستهلك بسرعة، نطلب تجهيزات لثلاثة أو خمسة أشهر، لكنها تُستنفد خلال شهرين”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version