تعهد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بالتصدي لأي تدخل أمريكي يهدف إلى الإطاحة بحكومته، وذلك في خضم تصاعد التوترات بين البلدين. يأتي هذا التعهد بعد قيام الولايات المتحدة بشن ضربات ضد سفن يشتبه في تورطها في تهريب المخدرات في المياه الدولية، مما أثار غضب كاراكاس وزاد من المخاوف بشأن مستقبل فنزويلا.
أكد مادورو، خلال خطاب متلفز أمام أنصاره في كاراكاس، أن “الفشل ليس خياراً” وأن بلاده مستعدة للدفاع عن سيادتها ضد أي عدوان خارجي. وتأتي هذه التصريحات في أعقاب سلسلة من الإجراءات الأمريكية المتزايدة ضد النظام الفنزويلي، بما في ذلك العقوبات الاقتصادية وتصنيف بعض المسؤولين الفنزويليين كمتورطين في أنشطة غير قانونية.
تصاعد التوتر بين واشنطن وكاراكاس: مستقبل فنزويلا على المحك
أعلنت نائبة الرئيس الفنزويلي، ديلسي رودريجيز، أن الولايات المتحدة تسعى للسيطرة على احتياطيات فنزويلا النفطية والغازية، بالإضافة إلى الذهب، دون أي مقابل. وتتهم كاراكاس واشنطن بالسعي إلى تغيير النظام بالقوة، مستغلةً الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها البلاد.
في المقابل، أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى إمكانية إجراء محادثات مع مادورو، معتبراً أن “إنقاذ الأرواح” هو الأولوية. وأضاف ترمب أنه مستعد للتعامل مع الوضع “بالطريقة السهلة أو الصعبة”، مما يترك الباب مفتوحاً أمام سيناريوهات متعددة.
الضربات الأمريكية وتداعياتها
منذ سبتمبر الماضي، نفذت القوات الأمريكية سلسلة من الضربات ضد سفن يُشتبه في تورطها في تهريب المخدرات في المياه الدولية، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 80 شخصاً، وفقاً لتقارير إخبارية. تزعم واشنطن أن العديد من هذه القوارب انطلقت من فنزويلا، بينما يصف مادورو هذه العمليات بأنها “اعتداء على سيادة البلاد”.
أثارت هذه الضربات انتقادات واسعة النطاق، حيث شكك البعض في قانونيتها، واعتبروها عمليات قتل خارج نطاق القانون. كما أظهر استطلاع رأي حديث أن 29% فقط من الناخبين الأمريكيين يؤيدون هذه السياسة.
مواقف إقليمية ودولية
انضمت كوبا إلى فنزويلا في إدانة الإجراءات الأمريكية، واتهمت واشنطن بالسعي إلى إسقاط حكومة مادورو بالقوة. وحذر وزير الخارجية الكوبي، برونو رودريجيز، من أن الإطاحة بزعيم فنزويلا سيكون “خطيراً للغاية” وينتهك القانون الدولي.
ودعت كوبا شعب الولايات المتحدة إلى الضغط على حكومتهم لوقف ما وصفته بـ “الجنون”، محذرة من أن التدخل العسكري قد يؤدي إلى “عدد لا يحصى من الوفيات” وعدم الاستقرار في المنطقة.
تأتي هذه التطورات في ظل عدم اعتراف إدارة ترمب، وكذلك إدارة الرئيس جو بايدن، بمادورو زعيماً شرعياً لفنزويلا. ويقضي مادورو حالياً فترة ولايته الثالثة بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، وهو ما يثير جدلاً واسعاً بسبب اتهامات بالتزوير.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه حكومة مادورو اتهامات متكررة بانتهاك حقوق الإنسان ضد المعارضين السياسيين. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، صنفت الولايات المتحدة عصابة “كارتل دي لوس سولس” الفنزويلية “منظمة إرهابية أجنبية” متهمة بتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة، وهو ما نفاه المسؤولون الفنزويليون بشدة.
الوضع في فنزويلا لا يزال متوتراً للغاية، ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة مزيداً من التصعيد في التوترات بين البلدين. من المرجح أن تواصل الولايات المتحدة ممارسة الضغط على حكومة مادورو من خلال العقوبات والإجراءات الأخرى، بينما من المتوقع أن تواصل كاراكاس الدفاع عن سيادتها ورفض أي تدخل خارجي. يبقى من غير الواضح ما إذا كانت المحادثات المباشرة بين ترمب ومادورو ستتحقق، وما إذا كانت ستؤدي إلى أي حل للأزمة. يجب مراقبة التطورات الإقليمية والدولية عن كثب، خاصةً ردود فعل الدول الأخرى في أمريكا اللاتينية، لتقييم المسار المستقبلي للأزمة في فنزويلا والمنطقة بشكل عام. كما أن مستقبل النفط الفنزويلي يلعب دوراً هاماً في هذه التطورات.

