أعرب دميتري كوليبا، وزير الخارجية الأوكراني السابق، عن رفضه لأي اتفاق سلام مع روسيا يتضمن خفض حجم القوات المسلحة الأوكرانية، واصفًا ذلك بأنه “إذلال” لكييف ويترك البلاد عرضة لخطر المزيد من العدوان. يأتي هذا التصريح في ظل تسارع الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل للصراع المستمر، والذي يركز حاليًا على تحديد حجم الجيش الأوكراني المستقبلي كجزء من أي اتفاق. هذا الخفض في القوات المسلحة الأوكرانية يعتبر نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات.

وقد قدمت الإدارة الأمريكية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مشروعًا يتضمن تحديد سقف لعدد القوات الأوكرانية عند 600 ألف جندي، في حين أن أوكرانيا تمتلك حاليًا ما يقرب من مليون جندي. وردًا على ذلك، اقترح الجانب الأوروبي سقفًا أعلى قليلًا عند 800 ألف جندي خلال فترة السلام. ومع ذلك، رفض مسؤولون في الاتحاد الأوروبي هذا القيد، مؤكدين أن اتفاق السلام يجب أن يهدف إلى تحديد حجم الجيش الروسي بدلًا من تقييد الجيش الأوكراني.

مستقبل الجيش الأوكراني: نقطة خلاف مركزية في مفاوضات السلام

تؤكد الحلفاء الغربيون، من خلال “تحالف الإرادة” لدعم أوكرانيا، باستمرار أن وجود جيش أوكراني قوي يمثل أفضل ضمانة أمنية للبلاد. وقد تحول تركيزهم في الأشهر الأخيرة إلى تعزيز القدرات العسكرية الأوكرانية كبديل للاعتماد على القوات الأجنبية. يرى المحللون أن هذا التوجه يعكس قناعة عميقة بأهمية الاستدامة الذاتية للأمن في أوكرانيا.

بالإضافة إلى ذلك، يُدرس توفير ضمانات أمنية لكييف مشابهة للمادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتي تنص على أن أي هجوم على أحد الحلفاء هو هجوم على الجميع، دون أن تصبح أوكرانيا عضوًا كاملًا في الناتو. هذا خيار يهدف إلى توفير رادع فعال ضد أي عدوان مستقبلي.

ردود الفعل على خطط السلام الأولية

انتقد كوليبا وتيرة اتخاذ القرارات والفهم التصوري لمسار أوروبا، قائلاً إن هذا قد يبشر بأوقات صعبة للقارة. وأعرب عن خيبة أمله من التبديل المستمر بين المقترحات المختلفة، من إرسال قوات حفظ سلام إلى قوات تطمين، وصولًا إلى تعزيز الجيش الأوكراني وتقديم ضمانات أمنية شبيهة بالمادة الخامسة.

ويرى كوليبا أن الدافع نحو التوصل إلى اتفاق قد “فشل بالفعل” بسبب “التعامل العدواني والمتقلب مع خطة الـ 28 نقطة الأصلية من قبل واشنطن”. كما أشار إلى أن تسرب مكالمات بين مسؤولين أمريكيين وروسيين كشف عن كيفية صياغة هذه الخطة، مما أثار المزيد من الشكوك حول شفافية العملية. وأكد أن أي اتفاق يضع قيودًا على الجيش الأوكراني سيكون بمثابة “فتح طريق إلى الجحيم بنوايا حسنة”.

إن فكرة تحديد سقف للقوات الأوكرانية تثير قلقًا عميقًا في كييف، حيث يراها البعض تنازلًا غير مقبول يعرض البلاد للمخاطر. ويركز النقاش الدائر الآن على إيجاد توازن بين ضمانات الأمن القوية لأوكرانيا وتهدئة المخاوف الروسية، وهي مهمة معقدة تتطلب حوارًا دقيقًا ومفاوضات صعبة.

وفي سياق متصل، تشهد الأوضاع الميدانية في أوكرانيا استمرارًا في القتال، مع تركيز القوات الروسية على السيطرة على المزيد من الأراضي في الشرق والجنوب. هذا الوضع يزيد من صعوبة التوصل إلى حل سياسي شامل، ويجعل الجيش الأوكراني القوي ضرورة ملحة لصد العدوان وحماية السيادة الوطنية. الصراع الأوكراني الروسي يظل قضية ذات أهمية جيوسياسية كبيرة.

من جهة أخرى، يراقب الاتحاد الأوروبي عن كثب التطورات في أوكرانيا، ويدعو إلى حل سلمي يحترم وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها. يواصل الاتحاد الأوروبي تقديم الدعم المالي والعسكري والإنساني لأوكرانيا، ويفرض عقوبات على روسيا لمحاولة الضغط عليها للتراجع عن عدوانها. تعتبر الأمن الأوروبي مرتبطًا بشكل وثيق بمستقبل أوكرانيا.

بالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن تستمر المفاوضات الدبلوماسية في الأيام والأسابيع المقبلة. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين بشأن ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق سلام مقبول للطرفين. من بين القضايا الرئيسية التي يجب تسويتها، بالإضافة إلى حجم الجيش الأوكراني، مسألة الأراضي المتنازع عليها، ومستقبل المناطق الناطقة بالروسية في أوكرانيا، وضمانات أمنية موثوقة لكييف. ينبغي متابعة تطورات المحادثات الدبلوماسية لمعرفة ما إذا كانت ستؤدي إلى إنهاء الصراع.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version