طالبت النيابة العامة الهولندية بمحاكمة ثلاثة أفراد من عائلة سورية، الأب وابنَيه، بتهمة القتل العمد بحق ريان النجار، البالغة من العمر 18 عامًا. وتتعلق القضية، التي هزت هولندا، بما يُزعم أنه غرق متعمد للضحية بسبب سلوكها الذي اعتبرته العائلة “غربيًا” ويُخزيها. وتراوح الأحكام المقترحة بين السجن لمدة 20 و25 عامًا، حسب الأدوار التي لعبها كل متهم في الجريمة.
تفاصيل قضية قتل ريان النجار في هولندا
عُثر على جثة الشابة السورية، ريان النجار، غارقة في بحيرة بالقرب من مدينة خوري (Joure) شمال هولندا في 28 مايو 2024، بعد ستة أيام من اختفائها. وتشير التحقيقات إلى أن الجريمة وقعت في 22 مايو. وقد ألقت السلطات الهولندية القبض على والدها وشقيقيها، البالغين من العمر 22 و24 عامًا على التوالي، بتهمة القتل. وتعتبر هذه القضية من بين الحوادث النادرة التي تثير تساؤلات حول العنف الأسري وقضايا الشرف في المجتمع الهولندي.
وفقًا للنيابة العامة، اعتبر المتهمون ريان “عبئًا يجب التخلص منه” لمجرد أنها كانت شابة ترغب في عيش حياتها بحرية. وتُظهر الأدلة أن الأسرة كانت منتقدة لسلوك ريان، خاصة رفضها ارتداء الحجاب في الأماكن العامة.
الدور المحتمل لوسائل التواصل الاجتماعي في الحادث
أشارت النيابة العامة إلى أن الشرارة التي أشعلت الحادث قد تكون مقطع فيديو بثته ريان عبر تطبيق تيك توك، وظهرت فيه بدون حجاب وبمكياج. ووصفت النيابة هذا الفيديو بأنه “محرج للغاية” للعائلة، وأنه يتعارض مع قيمهم وتقاليدهم. وقد أثار هذا الفيديو غضب الأب والابنين، مما دفعهم إلى البحث عن ريان.
وبحسب ما ورد، قام الشقيقان باستدعاء ريان من مدينة روتردام وإقناعها بمرافقتهما إلى مكان بعيد في الليلة التي سبقت مقتلها. وهناك، انضم إليهما الأب، حيث قُتلت ريان.
وقد عرف عن المتهمين الثلاثة، وهم خالد النجار (الأب)، ومحمد النجار، ومحسن النجار (الابنان)، تشدد دينهم، بحسب مصادر إعلامية هولندية. وعثر المحققون على آثار خنق وإحكام ربط بشريط لاصق حول جثة الضحية، مما يشير إلى أنها قُتلت بعد صراع.
هروب الأب وتحديات التسليم
أفادت التقارير أن الأب، خالد النجار، فر إلى سوريا بعد الجريمة مباشرة، في محاولة للتملص من المسؤولية وإلقاء اللوم على ولديه. واعتبرت النيابة العامة ذلك بمثابة “جبن” ووصفت الأب بأنه “دمر أسرته بالكامل”.
وعلى الرغم من ذلك، تواجه السلطات الهولندية صعوبات في تسليم الأب إلى هولندا لمحاكمته، خاصة وأنه تزوج من امرأة في سوريا بعد وفاة ريان النجار. ويُعقد هذا الأمر من عملية التسليم، لكن السلطات الهولندية لم تتخل عن جهودها في هذا الصدد.
عثرت الشرطة على حوالي 24 مترًا من الشريط اللاصق الذي استخدم لتقييد الضحية قبل إلقائها في الماء. بالإضافة إلى ذلك، عُثر على الحمض النووي للأب، خالد النجار، تحت أظافر ابنته، مما يشير إلى أنه كان حاضرًا أثناء الجريمة.
تعتبر قضية ريان النجار بمثابة صدمة للمجتمع الهولندي، وتسلط الضوء على التحديات التي تواجهها السلطات في التعامل مع قضايا العنف الأسري القائمة على أساس ثقافي أو ديني. كما تثير هذه القضية تساؤلات حول حماية حقوق المرأة وضمان سلامتها في المجتمعات التي تتبنى قيمًا تقليدية صارمة.
مستقبل القضية والأحكام المتوقعة
من المقرر أن تصدر المحكمة الهولندية حكمها في هذه القضية في الخامس من يناير 2025. وطالبت النيابة العامة بسجن الأب لمدة 25 عامًا، وكل من الابنين لمدة 20 عامًا. ويعتبر هذا الطلب المطالبة بأقصى عقوبة ممكنة في القانون الهولندي.
يبقى من غير الواضح ما إذا كانت المحكمة ستقبل طلب النيابة العامة بالكامل، أو ما إذا كانت ستقر أحكامًا مخففة. ويعتمد الحكم النهائي على تقييم المحكمة للأدلة المقدمة، وعلى الظروف المحيطة بالجرائم. وستتابع السلطات الهولندية عملية استخراج الأب المتهم من سوريا لمحاكمته، على الرغم من التحديات القانونية المحتملة. ويبقى هذا الملف قيد المتابعة لتطوراته المستقبلية.
