تشهد أوروبا أسبوعًا حافلًا بالاجتماعات والمناقشات الهامة، مع التركيز بشكل خاص على الأمن الاقتصادي للاتحاد الأوروبي في ظل التوترات التجارية العالمية المتزايدة. من المقرر أن تكشف المفوضية الأوروبية عن استراتيجيتها الجديدة للأمن الاقتصادي يوم الأربعاء، بينما يتوجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بكين في زيارة دولة تهدف إلى إعادة التوازن إلى العلاقات الاقتصادية بين الصين والاتحاد الأوروبي.

من المقرر أن يعقد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته اجتماعًا مع دينيس شميهال، وزير الدفاع الأوكراني، في مقر حلف الناتو في بروكسل يوم الاثنين. بالإضافة إلى ذلك، ستعقد مجالس وزراء الصحة والبيئة والنقل والاتصالات في الاتحاد الأوروبي اجتماعات على مدار الأسبوع لمناقشة قضايا حيوية مثل الأدوية الحرجة، والسياسات البيئية، والتنافسية الرقمية.

الأمن الاقتصادي للاتحاد الأوروبي: استراتيجية جديدة في مواجهة التحديات

تستعد المفوضية الأوروبية للكشف عن عقيدتها الطويلة الأمد بشأن الأمن الاقتصادي يوم الأربعاء، بهدف تعزيز مكانة الاتحاد الأوروبي في عالم سريع التغير. يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه التجارة العالمية تفتتًا بسبب الضغوط القومية، حيث فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية كبيرة على واردات الاتحاد الأوروبي، بينما شددت بكين قبضتها على الصادرات الاستراتيجية، بما في ذلك المعادن النادرة والرقائق.

تعتمد الاستراتيجية الجديدة على ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي، وتنويع سلاسل التوريد لمواجهة استخدام المواد الحيوية كسلاح، وإقامة شراكات مع أوسع مجموعة ممكنة من الدول لتعزيز المصالح الأمنية المشتركة. وتشمل الأدوات الرئيسية لهذه الاستراتيجية “أداة مكافحة الإكراه”، والتي تم اعتمادها في عام 2023 بهدف التصدي للإكراه الاقتصادي.

أداة مكافحة الإكراه: بين النظرية والتطبيق

على الرغم من الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة والصين، لم يتم استخدام أداة مكافحة الإكراه حتى الآن. يثير هذا الأمر تساؤلات حول ما يشكل الإكراه تحديدًا، وما هي التهديدات التي تعتبر خطيرة بما يكفي لتفعيل هذه الأداة، المعروفة أيضًا باسم “الخيار النووي” للتجارة، وكيف سيتم تنفيذها عمليًا. من المتوقع أن توفر عقيدة المفوضية الأوروبية بعض التوضيح حول هذه المسائل.

ومع ذلك، تواجه الاستراتيجية تحديًا يتمثل في إيجاد توازن بين حماية الاتحاد الأوروبي من هذه التهديدات وتجنب الوقوع في الحمائية، وهو مسار رفضت المفوضية اتباعه.

زيارة ماكرون إلى بكين: صوت الاتحاد الأوروبي؟

من المقرر أن يصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الصين يوم الثلاثاء في زيارة دولة تستغرق ثلاثة أيام. تهدف الزيارة إلى مناقشة الشراكات الفرنسية، بالإضافة إلى العلاقات بين بكين وبروكسل. سيجري ماكرون محادثات مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، والتي تصفها باريس بأنها “حوار استراتيجي” يهدف إلى إعادة التوازن إلى العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

يدعو ماكرون بكين إلى الانخراط في منافسة عادلة، في ظل العلاقات المتوترة بين الاتحاد الأوروبي والصين بسبب العجز التجاري المتزايد (305.8 مليار يورو في عام 2024)، والنزاعات المتصاعدة بشأن الصادرات من لحوم الخنازير ومنتجات الألبان، والمنافسة في مجال التكنولوجيا والرقائق. يعتبر الاتحاد الأوروبي ضحية جانبية للصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، حيث تستخدم بكين احتكارها شبه الكامل للمعادن النادرة للضغط على المنافسين من خلال تقييد تراخيص التصدير.

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يضغط ماكرون على الصين بشأن دورها في الحرب الأوكرانية، مذكراً بمكانتها كعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والالتزام بالحفاظ على السلام العالمي الذي يأتي مع هذا المنصب. اتُهمت بكين بتوفير شريان حياة حيوي لموسكو، بما في ذلك 80٪ من المكونات اللازمة لتصنيع الأسلحة.

من المرجح أيضًا أن تتناول المحادثات قضية تايوان في ظل التوترات بين الصين واليابان والولايات المتحدة في المنطقة. يقول ماكرون إن أوروبا يجب أن تُعامل كشريك استراتيجي من قبل بكين – ولكن هل ستستمع الصين؟

السياسة التجارية والتوترات الجيوسياسية

تتداخل هذه التطورات مع قضايا السياسة التجارية العالمية، مما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي. تعتبر العلاقات الصينية الأوروبية حجر الزاوية في هذه التطورات، حيث تسعى بروكسل إلى تحقيق توازن دقيق بين التعاون والمنافسة.

من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من المناقشات حول هذه القضايا، مع التركيز على كيفية تنفيذ استراتيجية الأمن الاقتصادي الجديدة للاتحاد الأوروبي، وكيف ستؤثر زيارة ماكرون إلى بكين على مستقبل العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي. سيكون من المهم مراقبة ردود فعل الأطراف المعنية، وتقييم مدى فعالية الأدوات الجديدة التي تم اعتمادها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version