تصاعدت المخاوف بشأن الاضطهاد الذي يتعرض له المسيحيون في نيجيريا، حيث استضافت لجنة فرعية بمجلس النواب الأمريكي جلسة استماع يوم الخميس لمناقشة العنف المنهجي المتزايد ضد المجتمعات المسيحية في البلاد. وتأتي هذه الجلسة في ظل تزايد التقارير عن عمليات قتل واسعة النطاق واختطاف، مما يجعل نيجيريا بؤرة قلقة للأمن الديني، وأحد أكثر الأماكن خطورة على المسيحيين في العالم.
الاضطهاد المسيحي في نيجيريا: نظرة على الأزمة المتفاقمة
أعرب أعضاء من كلا الحزبين عن قلقهم بشأن تدهور الوضع الأمني في نيجيريا، واستجوبوا مسؤولين في الإدارة وخبراء خارجيين حول الأسباب الكامنة وراء هذا العنف. وقد وصف أحد أعضاء الكونجرس نيجيريا بأنها “أخطر مكان على وجه الأرض بالنسبة للمسيحيين”، مشيرًا إلى أن معدلات القتلى بين المسيحيين تجاوزت تلك الموجودة في مناطق الصراع الأخرى حول العالم.
شهادات حول العنف والافلات من العقاب
ركز رئيس اللجنة الفرعية، النائب كريس سميث، بشكل خاص على وحشية العنف، مشيرًا إلى تقارير عن هجمات جماعية وعمليات قتل بشعة، غالبًا ما يرتكبها مهاجمون يصرخون بتكبيرات دينية. وقد استشهد بشهادة سابقة من الأسقف ويلفريد أناغبي، الذي وصف كيف أن المتطرفين يقتلون دون محاسبة، ويختطفون ويغتصبون مع الإفلات التام من المسؤولين المنتخبين.
وذكر سميث على وجه الخصوص هجومًا وقع في يونيو في يولا، حيث قُتل 278 شخصًا، بمن فيهم رجال ونساء وأطفال، بطرق مروعة. وأكد أن هذا ليس مجرد عنف عشوائي، بل هو “اضطهاد متعمد”، معترفًا في الوقت نفسه بأن الدين قد لا يكون العامل الوحيد، لكنه يظل محركًا رئيسيًا للعنف.
أبعاد أوسع للعنف
ومع ذلك، حذرت النائبة سارة جاكوبس، العضو الأعلى مرتبة في اللجنة، من تبني “روايات مبسطة” للأزمة. وأشارت إلى أن العنف في نيجيريا مدفوع بعوامل متعددة، بما في ذلك التمرد المتطرف، والصراع بين المزارعين والرعاة، وعصابات الجريمة المنظمة. وأوضحت أن عمليات الخطف، مثل اختطاف 25 فتاة في ولاية كبي، لم تستهدف المسيحيين فقط.
وانتقدت جاكوبس تصريحات الرئيس ترامب السابقة حول التدخل العسكري في نيجيريا، واصفة إياها بأنها “تهور وغير قانونية”. وأكدت أن أي عمل عسكري أحادي الجانب من قبل الولايات المتحدة سيكون “غير منتج”، ودعت إلى التركيز على دعم جهود بناء السلام ومنع الصراع داخل نيجيريا.
الوضع القانوني والجهود الحكومية
وأشار المسؤولون في وزارة الخارجية الأمريكية، جوناثان برات وياكوب ماكجي، إلى أن الولايات المتحدة تدرك خطورة الوضع. وصفت وزارة الخارجية الوضع بأنه “مشكلة أمنية خطيرة جدًا”، وأكدت على سعي الولايات المتحدة إلى “جعل حماية المسيحيين على رأس أولويات الحكومة النيجيرية”. وأقر المسؤولون أيضًا بوجود قوانين التجديف في 12 ولاية شمالية، والتي يمكن أن تؤدي إلى عقوبة الإعدام، واصفين هذه القوانين بأنها “غير مقبولة في مجتمع حر وديمقراطي”.
خلاف حول الحلول
تطرح أزمة العنف في نيجيريا تساؤلات حول دور الولايات المتحدة ومسؤوليات الحكومة النيجيرية. يرى البعض أن على الحكومة النيجيرية أن تطلب المساعدة الدولية إذا كانت غير قادرة على وقف العنف، بينما يحذر آخرون من أن التدخل الخارجي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الوضع. وهناك جدل مستمر حول ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تفرض عقوبات أو تقدم المزيد من الدعم الإنساني للمتضررين من العنف.
ونقلًا عن تقارير، أفاد النائب جون جيمس أن حوالي 17 ألف مسيحي قد قُتلوا منذ عام 2019، واصفًا ذلك بأنه “نمط مستمر من العنف المستند إلى الدين، غالبًا ما يتم تجاهله أو حتى تمكينه من قبل الحكومة النيجيرية”.
في الوقت الحالي، تعمل الولايات المتحدة على تطوير خطة “لتحفيز وإجبار” الحكومة النيجيرية على حماية المجتمعات الدينية. من المقرر أن يتم تقديم تفاصيل هذه الخطة في الأشهر المقبلة، ولكن نجاحها سيعتمد على استعداد الحكومة النيجيرية للتعاون وتنفيذ الإصلاحات اللازمة. من الأمور التي يجب مراقبتها رد فعل الحكومة النيجيرية على الضغوط الأمريكية، وتطور الوضع الأمني في البلاد، وتأثير أي إجراءات جديدة على حياة المسيحيين وغيرهم من الفئات الضعيفة.

