تصاعدت التوترات بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا، بعد أن صرّح الجنرال جوزيبي كافو دراجوني، رئيس اللجنة العسكرية للناتو، بأن الدول الأعضاء تدرس ما إذا كان عليها أن تكون “أكثر حزماً” في مواجهة حملة التهديد الهجين التي تشنها موسكو. يشمل هذا التقييم احتمالية عمليات استباقية في مجالات مثل الأمن السيبراني والبنية التحتية، وذلك في ظل تقييمات متزايدة للتهديدات الروسية.
أكد دراجوني في تصريحات لصحيفة فاينانشال تايمز، أن الحلف يدرس التحول إلى نهج “استباقي بدلاً من رد الفعل”، بما في ذلك إمكانية تنفيذ عمليات سيبرانية أو تخريبية “استباقية”. وأضاف أن هذه الإجراءات قد تظل ضمن نطاق العقيدة الدفاعية للناتو، مع الاعتراف بأنها تمثل تحولاً عن السلوك المعتاد للحلف.
تزايد المخاوف بشأن التهديد الهجين الروسي
تأتي هذه التصريحات في أعقاب سلسلة من الأنشطة المرتبطة بروسيا والتي يصفها مسؤولو الناتو بأنها تندرج ضمن نطاق الحرب الهجينة. ويشير الحلف إلى أنه يواجه هجمات سيبرانية يومية يمكن إرجاعها إلى موسكو، بالإضافة إلى عمليات تأثير معلوماتية وضغوط هجرة متزايدة، واستهداف متكرر للبنية التحتية الحيوية.
وقد أثارت سلسلة من الحوادث التخريبية التي وقعت في أواخر عام 2024 مراجعة شاملة في الناتو. ففي نوفمبر وديسمبر من العام الماضي، تضررت عدة كابلات بيانات تحت بحرية بالإضافة إلى رابط كهربائي حيوي. اتهم الادعاء العام الفنلندي طاقم ناقلة ترفع علم جزر كوك بسحب مرساة لمسافة تزيد عن 80 كيلومترًا مما تسبب في قطع البنية التحتية، لكن المحكمة الفنلنديةDismissed القضية لاحقًا بحجة أن القانون الوطني لا ينطبق.
ردود الفعل على تصريحات رئيس اللجنة العسكرية للناتو
سارعت موسكو إلى الرد على تصريحات دراجوني، حيث وصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، هذه التعليقات بأنها “خطوة غير مسؤولة للغاية” واتهمت الناتو بالإشارة إلى استعداده “لتحرك نحو التصعيد”، وفقًا لوسائل إعلام روسية حكومية.
من جهتها، علقت كارين فيليبوتي، المديرة التنفيذية لتحالف فاندنبرغ، ومسؤولة سابقة في وزارة الخارجية الأمريكية والبعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، قائلةً إن اتهام روسيا للناتو بعدم المسؤولية هو أمر “مثير للسخرية” بالنظر إلى الغزو الروسي غير المبرر لأوكرانيا في عام 2022. وأضافت أن الرئيس بوتين أُتيحت له فرص عديدة لإنهاء الحرب بشكل سلمي لكنه رفضها بسبب أهدافه التوسعية. ووفقًا لها، فإن الناتو ببساطة يتفاعل مع هذا العدوان.
وفي سياق متصل، أكد الجنرال بروس كارلسون، القوات الجوية الأمريكية المتقاعد، والمدير السابق لمكتب الاستطلاع الوطني، على أن روسيا هي من يبدأ بالتحرك العسكري الاستباقي في أوروبا بهدف غزو واحتلال أراضي دولة ذات سيادة بالقوة. وأصدر كارلسون تصريحه لصحيفة فوكس نيوز ديجيتال.
وأضاف كارلسون أن الرئيس بوتين لا يفهم شيئًا سوى القوة، مشيرًا إلى أنه لا أحد عزز الناتو أكثر من الرئيس ترامب. وأكد على أهمية استخدام كل ما في وسعنا لدفع روسيا إلى طاولة المفاوضات للوصول إلى اتفاق سلام دائم ومستدام يحمي سيادة أوكرانيا ويحافظ على المصالح الأمنية القومية للولايات المتحدة.
تجدر الإشارة إلى أن المادة الخامسة من معاهدة الناتو تنص على أن أي هجوم على دولة عضو يعتبر هجومًا على جميع الدول الأعضاء، لكن فيليبوتي أوضحت أن تبني الناتو موقفًا أكثر حزماً لا يلزم الولايات المتحدة بالقيام بالمثل. وأشارت إلى أن الولايات المتحدة ملزمة فقط باتخاذ “الإجراءات التي تراها ضرورية” في حالة وقوع هجوم على دولة عضو في الناتو.
في شهر سبتمبر الماضي، اخترقت حوالي 20 طائرة مسيرة المجال الجوي ل بولندا ، مما أدى إلى تفعيل المادة 4 من المعاهدة من قبل وارسو. صرح رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك في ذلك الوقت بأنها كانت “الأقرب إلى صراع مفتوح منذ الحرب العالمية الثانية” ، بينما نفت موسكو استهداف الأراضي البولندية.
من المتوقع أن يستمر الناتو في تقييم الوضع الأمني مع التركيز على تقوية الدفاعات الهجينة ورفع مستوى الاستعداد في مواجهة التهديدات الروسية. ومن المرجح أن تكون المناقشات حول وجود نهج أكثر استباقية مستمرة، مع مراعاة القيود القانونية والأخلاقية التي تواجه الحلف. ستكون التطورات في أوكرانيا والمواقف الروسية اللاحقة من العوامل الرئيسية التي ستشكل مسار التحالف في الأشهر المقبلة.

