أعلنت مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، المدعومة من الولايات المتحدة، أنها ستنهي عملياتها بعد توزيع أكثر من 187 مليون وجبة مجانية على الفلسطينيين في قطاع غزة دون أن تتمكن حركة حماس من سرقة المساعدات. يأتي هذا القرار بعد نجاح المؤسسة في إيصال المساعدات بشكل مباشر للمدنيين، وهو ما يمثل تحديًا للنماذج التقليدية للمساعدات الإنسانية في المنطقة، ويثير تساؤلات حول مستقبل عمليات الإغاثة في غزة. المساعدات الإنسانية في غزة كانت محور نقاش حاد في الأشهر الأخيرة.
مؤسسة غزة الإنسانية: نجاح في ظل تحديات
بدأت مؤسسة غزة الإنسانية عملها في 26 مايو الماضي بهدف ضمان وصول الوجبات إلى سكان غزة ومنع استيلاء حركة حماس على المساعدات. ووفقًا للمؤسسة، فقد قدمت “أكثر من 1.1 مليون عبوة من الأطعمة التكميلية الجاهزة للاستخدام (RUSF) للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية”.
قال جون أكري، المدير التنفيذي للمؤسسة، في بيان: “من البداية، كان هدف مؤسسة غزة الإنسانية هو تلبية حاجة ملحة، وإثبات أن نهجًا جديدًا يمكن أن ينجح حيث فشلت جهود أخرى، وفي النهاية تسليم هذا النجاح إلى المجتمع الإنساني الدولي الأوسع”. وأضاف أن إنشاء مركز التنسيق المدني العسكري (CMCC) وتجدد اهتمام المجتمع الإنساني الدولي قد أتاحا هذا التحول.
التنسيق مع جهات دولية
أشار أكري إلى أن المؤسسة كانت تجري محادثات مع مركز التنسيق المدني العسكري والمنظمات الدولية الأخرى لعدة أسابيع حول كيفية المضي قدمًا. وذكر أن هذه الجهات ستتبنى وتوسع النموذج الذي قامت مؤسسة غزة الإنسانية بريادته. وأضاف أن المؤسسة على استعداد لإعادة تفعيل مهمتها إذا ظهرت احتياجات إنسانية جديدة، مؤكدًا أنها لن تتفكك كمنظمة غير حكومية مسجلة.
واجهت مؤسسة غزة الإنسانية العديد من الانتقادات منذ ماي الماضي، بما في ذلك اتهامات بقتل وإصابة المئات من الغزيين في مواقع التوزيع. كما انتقدت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أخرى المؤسسة بسبب ما وصفوه باستغلال المساعدات كسلاح.
في يوليو، دعا المفوض العام للأونروا إلى إنهاء عمل مؤسسة غزة الإنسانية، زاعمًا أنها “لا تقدم سوى الجوع والرصاص لشعب غزة”.
ولكن في أغسطس، أكد مخبر للأخبار الرقمية التابعة لفوكس نيوز أن “الجيش الإسرائيلي يساعد بنشاط مؤسسة غزة الإنسانية في إيصال الغذاء إلى المدنيين، بينما تعيق وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك برنامج الأغذية العالمي (WFP) ومنظمة تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، توزيع هذه المساعدات بسبب عدم رغبتها في التنسيق مع الجيش الإسرائيلي”.
ورد ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، على هذه الادعاءات ووصفها بأنها “وهمية”.
فعالية المؤسسة وتأثيرها على المساعدات
وأفادت مؤسسة غزة الإنسانية بأنها عرضت بشكل متكرر المساعدة على وكالات الأمم المتحدة لتأمين وتوزيع مساعداتها لتلبية الاحتياجات في غزة ومنع عمليات النهب والتخريب. وأكدت المؤسسة أنه خلال فترة عملها التي استمرت أربعة أشهر ونصف، لم يتم نهب شاحنة واحدة من شاحنات المساعدات التابعة لها.
وأشارت المؤسسة إلى أن “الحلول والتعاطف بقيادة أمريكية ينجحون”، معزية هذا النجاح إلى “دعوة إدارة ترامب للابتكار وثقتها المبكرة بمهمتنا، وإدراكها أن القيادة الأمريكية والوضوح في الغرض والمساءلة عن النتائج لا تزال المعيار الذهبي الدولي”.
وقال أكري: “ما سيفقده فريقنا هو الصداقات والرفقة التي تطورت مع الآلاف من الغزيين، خاصةً النساء والأطفال الذين خدمناهم. في أوائل يوليو، مع تحسن الوضع الغذائي في غزة، استقرت عملياتنا، واكتسبنا زخمًا في كسب ثقة مستحقي المساعدات لدرجة أن مواقع المساعدات الخاصة بنا أصبحت أماكن تجمع محلية للنساء والأطفال الذين يتفاعلون مع فريقنا بشكل يومي. سنفتقدهم بشدة.”
جاءت هذه الأعمال في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 1200 شخص، من بينهم أكثر من 40 أمريكيًا. وقامت حماس بخطف 251 شخصًا خلال الهجوم ولا تزال تحتجز ثلاثة جثث، وفقًا لإسرائيل. تتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس ترامب لمنطقة غزة عدم وجود دور لحماس في حكم غزة بعد الحرب والمطالبة بتفكيكها التام، وهي منظمة جهادية إرهابية مدعومة من إيران. الأزمة الإنسانية تتفاقم مع استمرار الصراع.
من المتوقع أن تتولى المنظمات الدولية والمحلية مسؤولية عمليات الإغاثة بشكل كامل في غزة بعد انسحاب مؤسسة غزة الإنسانية. ستكون المراقبة الدقيقة لتوزيع المساعدات، وضمان وصولها إلى الفئات الأكثر احتياجًا دون تدخل من حماس، أمرًا بالغ الأهمية. يبقى مستقبل المساعدات الإنسانية في غزة غير مؤكدًا ويعتمد على تطورات الوضع الأمني والسياسي.

