أعلنت شركات كبرى في كوريا الجنوبية، بما في ذلك سامسونج للإلكترونيات وهيونداي موتور، عن خطط استثمارية داخلية كبيرة الأحد، وذلك استجابةً لمخاوف بشأن تحول الاستثمارات بعيدًا عن البلاد نحو الولايات المتحدة. وتأتي هذه الخطط في أعقاب اتفاق تجاري جديد مع واشنطن، مع التركيز بشكل خاص على تعزيز إنتاج أشباه الموصلات لتلبية الطلب العالمي المتزايد، مدفوعًا بالذكاء الاصطناعي.
أكدت سامسونج للإلكترونيات أنها ستقوم بإضافة خط إنتاج جديد للرقائق في مصنعها الموجود بمدينة بيونجتايك، كجزء من استثمارات ضخمة تصل إلى 450 تريليون وون (حوالي 310.79 مليار دولار) على مدار السنوات الخمس القادمة. وقد تزامن هذا الإعلان مع اجتماع بين الرئيس الكوري الجنوبي لي جيه ميونج وقادة الأعمال، بعد التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة يتضمن استثمارات كورية جنوبية بقيمة 350 مليار دولار في القطاعات الاستراتيجية الأمريكية.
تعزيز الاستثمار المحلي في قطاع أشباه الموصلات
أعرب الرئيس لي خلال الاجتماع عن قلقه من احتمال انخفاض الاستثمار المحلي نتيجة للجاذبية المتزايدة للاستثمارات في الولايات المتحدة، وحث الشركات على النظر في زيادة استثماراتها داخل كوريا الجنوبية. كما دعا الشركات إلى التعاون الوثيق مع الحكومة لضمان الاستفادة القصوى من حزمة الاستثمارات المخصصة للاستثمارات الخارجية.
من جانبه، أشار جاي واي لي، رئيس مجلس إدارة سامسونج للإلكترونيات، إلى أن الشركة ستعمل على تعزيز استثماراتها المحلية، وتوفير فرص عمل للشباب، وبذل جهود إضافية لتحقيق منافع مشتركة مع الشركات الصغيرة والمتوسطة وشركات رأس المال المغامر. ويتماشى هذا الالتزام مع استراتيجية الحكومة الكورية الجنوبية لتقوية القاعدة الصناعية المحلية.
بالإضافة إلى سامسونج، أعلنت مجموعة هيونداي موتور عن خطط استثمارية محلية بقيمة 125.2 تريليون وون (86.39 مليار دولار) للفترة من 2026 إلى 2030. كما كشفت شركتا بناء السفن هانوا أوشن وإتش.دي هيونداي عن خطط استثمارية مماثلة لتعزيز قدراتهما التنافسية.
الطلب المتزايد على الرقائق وارتفاع الأسعار
يأتي هذا التحول في الاستثمارات في وقت يشهد فيه قطاع أشباه الموصلات ارتفاعًا حادًا في الأسعار. ويقلل الطلب العالمي المتزايد من إنتاج الرقائق المخصصة للذكاء الاصطناعي من المعروض المتاح للهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والخوادم. ووفقًا لمصادر مطلعة، رفعت سامسونج للإلكترونيات أسعار بعض رقائق الذاكرة بنسبة تصل إلى 60٪ مقارنة بشهر سبتمبر الماضي.
يُذكر أن مصنع بي5، وهو جزء من أكبر مجمع للرقائق في العالم، بدأ الإنتاج في أواخر عام 2023 بعد تأخير بسبب تباطؤ الطلب على رقائق الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وزيادة العرض. وتتوقع سامسونج أن يبدأ خط الإنتاج الجديد في العمل بكامل طاقته بحلول عام 2028، مع خطط لإجراء استثمارات إضافية في البنية التحتية الداعمة.
وفي بيان رسمي، أوضحت سامسونج أن الشركة تتوقع توسعًا متوسط وطويل الأجل في الطلب على رقائق الذاكرة في ظل الطفرة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. ولذلك، تعتزم الشركة تشغيل خطوط الإنتاج بشكل استباقي للاستجابة السريعة للتغيرات في السوق.
تأثيرات الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة
يُعد الاتفاق التجاري الأخير مع الولايات المتحدة حافزًا إضافيًا لهذه الاستثمارات. تهدف الاتفاقية إلى تعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والطاقة، وتسهيل الاستثمار المتبادل بين البلدين. ومع ذلك، فإن التوازن بين جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز الاستثمار المحلي يظل تحديًا رئيسيًا بالنسبة للحكومة الكورية الجنوبية.
وتشير التقديرات إلى أن الاستثمارات الكورية الجنوبية في الولايات المتحدة ستتركز في مجالات مثل صناعة السيارات الكهربائية، والبطاريات، وأشباه الموصلات، والطاقة النظيفة. بينما تسعى الحكومة الكورية الجنوبية إلى ضمان استمرار تدفق الاستثمارات إلى الداخل من خلال تقديم حوافز ضريبية ودعم مالي للشركات المحلية.
من المتوقع أن يشهد قطاع التكنولوجيا في كوريا الجنوبية مزيدًا من النمو والتطور في السنوات القادمة، مدفوعًا بالطلب العالمي المتزايد على الرقائق والمنتجات الإلكترونية الأخرى. ويُنظر إلى الاستثمارات الجديدة على أنها خطوة حاسمة نحو تعزيز القدرة التنافسية لكوريا الجنوبية في السوق العالمية. وسيكون من المهم مراقبة كيفية تنفيذ هذه الاستثمارات وتأثيرها على النمو الاقتصادي والتوظيف في البلاد.
من المنتظر أن تعلن الحكومة الكورية الجنوبية عن تفاصيل إضافية حول حزمة الحوافز الاستثمارية في الأشهر القادمة. كما ستراقب الشركات عن كثب التطورات في السوق العالمية لأشباه الموصلات وتقييم تأثيرها على استراتيجياتها الاستثمارية.










