تطور شركة نفيديا (NVIDIA) تقنية جديدة تهدف إلى تتبع مواقع عمل رقائق الذكاء الاصطناعي التي تنتجها، في خطوة تهدف إلى منع تهريب هذه الرقائق إلى الدول المحظورة. وتأتي هذه الخطوة وسط ضغوط متزايدة على الشركة لضمان الامتثال لقيود التصدير، خاصةً إلى الصين ودول أخرى تخضع لقيود تجارية أمريكية. وتعتمد التقنية الجديدة على قدرات الحوسبة السرية المدمجة في وحدات معالجة الرسوميات (GPUs) الخاصة بالشركة.
أفادت مصادر مطلعة أن نفيديا اختبرت هذه التقنية بشكل خاص خلال الأشهر القليلة الماضية، ومن المتوقع أن يتم طرحها كخيار برمجي يمكن للعملاء تثبيته. وتهدف هذه الخطوة إلى معالجة المخاوف المتزايدة بشأن وصول التكنولوجيا المتقدمة إلى جهات فاعلة قد تستخدمها لأغراض تتعارض مع الأمن القومي.
تتبع رقائق الذكاء الاصطناعي: تقنية جديدة من نفيديا
تستغل التقنية قدرات الحوسبة السرية الموجودة في وحدات معالجة الرسوميات من نفيديا، والتي تسمح بتتبع أداء الحوسبة الإجمالي للشريحة. وبحسب مسؤول في نفيديا، فإن هذه الميزة شائعة بين الشركات التي تشتري كميات كبيرة من وحدات المعالجة لمراكز البيانات الكبيرة. وتعتمد التقنية على تحليل التأخير الزمني في التواصل مع الخوادم التي تديرها نفيديا، بالإضافة إلى معلومات من خدمات الإنترنت الأخرى، لتحديد موقع الشريحة بدقة.
الاستجابة لضغوط حكومية
يأتي تطوير هذه التقنية استجابةً للدعوات المتزايدة من البيت الأبيض، ومشرعين من كلا الحزبين في الكونجرس الأمريكي، لاتخاذ تدابير أكثر صرامة لمنع تهريب رقائق الذكاء الاصطناعي إلى الصين ودول أخرى. وقد زادت هذه الدعوات بعد أن رفعت وزارة العدل الأمريكية قضايا جنائية ضد شبكات تهريب يُزعم أنها مرتبطة ببكين، والتي كانت تحاول نقل رقائق نفيديا بقيمة تزيد عن 160 مليون دولار إلى الصين.
بالإضافة إلى ذلك، تتزامن هذه الخطوة مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السماح بتصدير رقائق H200 إلى عملاء معتمدين في الصين، مع شروط تضمن مراعاة مخاوف الأمن القومي، وتحصيل نسبة 25% من قيمة الصفقات لصالح الولايات المتحدة. ويرى البعض أن هذه السياسة ستدعم الوظائف الأمريكية وتعزز التصنيع المحلي.
تحديات مستمرة في قطاع أشباه الموصلات
على الرغم من القيود المفروضة، يعتقد بعض المسؤولين في البيت الأبيض أن الصين تواصل تحقيق تقدم في مجال الذكاء الاصطناعي. فقد طورت شركات مثل DeepSeek وعلي بابا نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة، بينما حققت شركة هواوي تقدماً كبيراً في صناعاتها. وهذا يشير إلى أن منع الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة يمثل تحدياً مستمراً.
أعلنت نفيديا في بيان أنها تقترب من تقديم خدمة برمجية جديدة تتيح لمشغلي مراكز البيانات مراقبة حالة ومخزون وحدات معالجة الرسوميات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بشكل كامل. وتعتبر هذه الخدمة خطوة إضافية نحو تعزيز الرقابة على استخدام رقائقها.
الآثار المحتملة لتقنية التتبع
قد يكون لهذه التقنية آثار كبيرة على صناعة أشباه الموصلات، حيث يمكن أن تزيد من تكلفة الامتثال للوائح التصدير. ومع ذلك، يمكن أن تساعد أيضاً في بناء الثقة بين نفيديا وحكوماتها، وتعزيز سمعتها كشركة مسؤولة. كما يمكن أن تساعد في حماية استثماراتها في البحث والتطوير من الاستخدام غير المصرح به.
من المتوقع أن تطلق نفيديا الخدمة البرمجية الجديدة في الأشهر القادمة. وسيكون من المهم مراقبة مدى تبني العملاء لهذه التقنية، وكيف ستؤثر على تدفق رقائق الذكاء الاصطناعي إلى الأسواق المختلفة. كما سيكون من المهم متابعة التطورات في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتأثيرها على صناعة أشباه الموصلات العالمية. وستظل رقائق الذكاء الاصطناعي (AI chips) محوراً رئيسياً للمنافسة الجيوسياسية والتكنولوجية في المستقبل المنظور.
بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تشجع هذه الخطوة شركات أخرى في قطاع أشباه الموصلات على تطوير تقنيات مماثلة لتتبع منتجاتها، مما قد يؤدي إلى زيادة الرقابة على تدفق التكنولوجيا المتقدمة على مستوى العالم. وسيكون من الضروري تقييم فعالية هذه التقنيات في منع التهريب، وتأثيرها على الابتكار والنمو الاقتصادي.










