نشرت شركة EngineAI الصينية للروبوتات مقطع فيديو أثار جدلاً واسعاً يظهر فيه روبوتها ذو التشابه البشري، T800، وهو يوجه ضربة قوية لرئيس مجلس إدارتها. هذا العرض، الذي يهدف إلى إبراز قوة وقدرات الروبوتات، أثار مخاوف بشأن السلامة في التعامل مع هذه التقنيات المتقدمة، خاصةً مع تزايد استخدامها في بيئات العمل المشتركة مع البشر. وقد أثار الفيديو نقاشاً حول التوازن بين الترويج للابتكار وضمان حماية الأفراد.
جاء هذا العرض المباشر كرد فعل على الشكوك التي أحاطت بعروض الشركة السابقة، والتي اتُهمت باستخدام المؤثرات البصرية الرقمية (CGI) لتضخيم قدرات الروبوت. أرادت EngineAI أن تثبت للعالم أن T800 يمتلك قوة حركية حقيقية وقدرة على الأداء القتالي دون أي تلاعب.
عرض القوة: روبوت T800 يثير الجدل
أظهر الفيديو المدير التنفيذي للشركة، تشاو تونج يانج، وهو يرتدي بدلة واقية مصممة لامتصاص الصدمات، ويقف في مواجهة الروبوت T800. حاول يانج تفادي الضربة الأولى، لكن الركلة الثانية أصابته بشكل مباشر، مما أدى إلى سقوطه على الأرض.
بعد الحادث، صرح يانج بأن الضربة كانت “عنيفة للغاية” و”قاسية جداً”، مؤكداً أنه بدون معدات الحماية، فإن أي شخص سيتعرض لكسور في العظام. هذا التصريح عزز المخاوف بشأن القوة الكامنة في هذه الروبوتات.
تطور سريع في تكنولوجيا الروبوتات
هذا العرض ليس منعزلاً، بل هو جزء من اتجاه متزايد في صناعة الروبوتات، حيث تسعى الشركات إلى إظهار قدرات روبوتاتها من خلال عروض عملية ومثيرة. فقد عرضت شركة Unitree الصينية سابقاً روبوت G1 وهو ينفذ حركات قتالية مستوحاة من الكونغ فو، بينما نشر إيلون ماسك فيديو لروبوت Optimus من تسلا وهو يتدرب على القتال.
تتضمن هذه العروض أيضاً روبوتات تقوم بمهام رياضية مثل لعب كرة السلة، أو تتحمل ركلات قوية دون أن تفقد توازنها. تهدف هذه المظاهرات إلى إبراز التقدم في مجالات مثل التوازن، والقوة، والاستجابة السريعة.
شكوك حول التحكم والاستقلالية
على الرغم من الإبهار الذي تثيره هذه العروض، إلا أن هناك شكوكاً متزايدة حول مدى استقلالية هذه الروبوتات. يتساءل البعض عما إذا كانت الشركات تستخدم تقنيات التحكم عن بعد أو البرمجة المسبقة لجعل الروبوتات تبدو أكثر تطوراً مما هي عليه في الواقع. هذه الشكوك تدعو إلى مزيد من الشفافية في اختبارات وتقييمات الروبوتات.
يتميز روبوت T800 بتصميم شبيه بالبشر، حيث يبلغ طوله 1.73 متر ويزن 75 كيلوجراماً. يحتوي على 29 درجة حرية في الحركة، مما يتيح له تنفيذ حركات دقيقة ومعقدة. يعمل الروبوت ببطارية ليثيوم صلبة من الجيل الجديد، ويتمتع بمحركات قوية قادرة على إنتاج عزم دوران يصل إلى 450 نيوتن/متر.
مخاوف السلامة تتصاعد
أثار الفيديو جدلاً واسعاً حول سلامة استخدام هذه الروبوتات في البيئات البشرية. هذه المخاوف ليست مجرد افتراضات، بل تجسدت في دعاوى قضائية، حيث رفع مهندس سلامة سابق في شركة Figure AI دعوى قضائية ضد الشركة، متهماً إياها بالتغطية على مخاطر قوة الروبوتات.
أشار المهندس في شهادته إلى حادثة كادت أن تتسبب في إصابة موظف، حيث تعطل روبوت فجأة وكاد أن يصيبه، لكن الضربة انتهت بتلف باب ثلاجة من الفولاذ المقاوم للصدأ. هذا الحادث يسلط الضوء على أهمية إجراءات السلامة الصارمة في التعامل مع الروبوتات القوية.
تعتبر هذه الحوادث بمثابة إنذار مبكر حول المخاطر المحتملة المرتبطة بتطوير ونشر الروبوتات ذات القوة الكبيرة. يتطلب الأمر وضع معايير سلامة واضحة، وتطوير أنظمة تحكم متقدمة، وتدريب العاملين على التعامل الآمن مع هذه التقنيات.
الذكاء الاصطناعي والتحكم في الروبوتات
بالإضافة إلى القوة الفيزيائية، يثير تطور الذكاء الاصطناعي المستخدم في التحكم في هذه الروبوتات أسئلة حول القدرة على التنبؤ بسلوكها والتحكم فيه بشكل كامل. مع تزايد قدرة الروبوتات على التعلم والتكيف، يصبح من الضروري التأكد من أنها تتصرف بطرق آمنة ومسؤولة.
تعتزم شركة EngineAI مواصلة استعراض قدرات روبوتها T800 من خلال عرض قتالي حي بعنوان Robot Boxer في 24 ديسمبر الجاري. من المتوقع أن يشهد هذا العرض مواجهات بين الروبوت ومقاتلين محترفين. يبقى أن نرى ما إذا كان هذا العرض سيساهم في تهدئة المخاوف بشأن السلامة، أم أنه سيثير المزيد من الجدل.
في الختام، يمثل تطور الروبوتات القوية تحدياً وفرصة في آن واحد. يتطلب الأمر تحقيق توازن دقيق بين الابتكار والمسؤولية، وضمان أن هذه التقنيات تُستخدم بطرق تعود بالنفع على البشرية مع الحفاظ على سلامتهم. ستكون التطورات القادمة في مجال الروبوتات، وخاصةً فيما يتعلق بأنظمة السلامة والتحكم، هي محور الاهتمام في الأشهر والسنوات القادمة.










