كشفت دراسة علمية حديثة عن وجود مستويات مرتفعة من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في حليب الأبقار والأغنام الخام، مما يمثل خطرًا كبيرًا على صحة الإنسان والحيوان على حد سواء. وأوضحت الدراسة، التي نشرت في دورية Plos One العلمية، أن هذه البكتيريا يمكن أن تنتقل إلى البشر عبر استهلاك الحليب غير المعالج حراريًا.
أجريت الدراسة على 310 عينات من الحليب الخام، نصفها من الأبقار والنصف الآخر من الأغنام، في أنظمة تربية مختلفة. وأظهرت النتائج أن نحو 26% من العينات كانت مصابة بالتهاب الضرع تحت السريري، وهي حالة مرضية تؤثر على جودة الحليب وتجعله ناقلاً للبكتيريا الضارة.
مقاومة المضادات الحيوية
أكدت الدراسة أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية في علاج التهاب الضرع تحت السريري أدى إلى ظهور سلالات بكتيرية مقاومة للعلاج التقليدي، مما يمثل تحديًا خطيرًا لصحة الإنسان. وأظهرت التحاليل أن 95% من السلالات المعزولة من بكتيريا “ستافيلوكوكوس إيبيدرميديس” كانت مقاومة للبنسلين والإريثرومايسين، وهما من أكثر المضادات الحيوية استخدامًا.
كما بينت الدراسة أن جينات المقاومة داخل هذه البكتيريا، مثل جين ermC وجين tetK وجين mecA، تعزز من قدرتها على البقاء في بيئات مليئة بالمضادات الحيوية، وتزيد من قدرتها على نقل صفات المقاومة إلى بكتيريا أخرى. وهذا يشكل تهديدًا لفاعلية العلاجات المستقبلية.
الآثار الصحية والاقتصادية
أشارت الدراسة إلى أن استهلاك الحليب الخام دون معالجة حرارية يمكن أن ينقل البكتيريا المقاومة إلى جسم الإنسان، خاصة الأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة. وأكد الباحثون أن هذه الظاهرة تمثل قضية صحية عامة تتطلب إجراءات عاجلة.
دعا الفريق البحثي إلى تطبيق معايير أكثر صرامة في مراقبة إنتاج الألبان، وتشجيع البسترة الإلزامية للحليب الموجّه للاستهلاك البشري. كما شدد على ضرورة وضع سياسات واضحة لتنظيم استخدام المضادات الحيوية في المزارع، وتبني برامج توعية للمزارعين حول مخاطر الإفراط في العلاج العشوائي للحيوانات.
وأكد الباحثون أن مواجهة هذه المشكلة تتطلب تعاونًا متعدد المستويات بين الأطباء البيطريين والمزارعين والسلطات الصحية وصناع السياسات. ومن المتوقع أن تتخذ الحكومات إجراءات لتنظيم استخدام المضادات الحيوية في القطاع الزراعي.










