قدّمت دول أوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) والولايات المتحدة مسودة قرار لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تطالب إيران بتقديم إجابات حول أنشطتها النووية، بما في ذلك المواقع التي تعرضت للقصف، ومخزونها من اليورانيوم المخصب. يأتي هذا الإجراء في ظل تصاعد التوترات بشأن البرنامج النووي الإيراني، وتخوفات دولية من إمكانية استخدامه لأغراض عسكرية.
الاجتماع الذي عُقد الثلاثاء، ناقش المسودة التي جاءت بعد تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية ينتقد عدم تعاون إيران في بعض الملفات. من المتوقع أن يتم التصويت على القرار يوم الأربعاء، حيث رجّح دبلوماسيون إقراره، مما قد يزيد الضغط على طهران للامتثال لمتطلبات الوكالة.
تصعيد الضغوط على إيران بشأن الأنشطة النووية
تتركز الانتقادات في مسودة القرار على عدم السماح لمفتشي الوكالة بالوصول إلى المواقع النووية التي استهدفتها إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو الماضي. بالإضافة إلى ذلك، يُعاب على إيران التأخر في تقديم معلومات دقيقة حول حجم مخزونها من اليورانيوم المخصب، والذي يشمل موادًا بدرجة نقاء تصل إلى 60%، وهي نسبة قريبة من تلك المطلوبة لصنع الأسلحة.
وطالبت المسودة إيران بتزويد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمعلومات دقيقة حول المواد والمنشآت النووية الخاضعة للحماية، ومنح الوكالة إمكانية الوصول الكامل للتحقق من هذه المعلومات. هذا الطلب يهدف إلى استعادة الشفافية في برنامج إيران النووي، وتعزيز قدرة الوكالة على مراقبة الأنشطة النووية.
تحذيرات إيرانية من تبعات القرار
أبدت إيران اعتراضها على مسودة القرار، وحذرت من أنه سيؤثر سلبًا على التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ووصفت بعثة إيران لدى الوكالة السعي لإصدار القرار بأنه “خطأ فادح”، مؤكدةً أن هذا الإجراء قد يعرقل الجهود الدبلوماسية لحل الخلافات.
يأتي هذا الرفض في أعقاب اتفاق تم التوصل إليه في سبتمبر الماضي بين إيران والوكالة، كان من المفترض أن يمهد الطريق لاستئناف عمليات التفتيش وتوضيح حجم اليورانيوم المخصب. ومع ذلك، أعلنت طهران لاحقًا “بطلان” هذا الاتفاق، مما زاد من تعقيد الوضع.
ويرى دبلوماسيون غربيون أن القرار الجديد يركز بشكل أساسي على الجوانب التقنية، ويمنح الوكالة تفويضًا جديدًا لتقديم تقارير عن الأنشطة النووية الإيرانية. ومع ذلك، يتضمن القرار أيضًا مطالبة إيران بتنفيذ “البروتوكول الإضافي”، الذي يوسع صلاحيات الوكالة في إجراء عمليات تفتيش مفاجئة في المواقع النووية.
وفي تصريحات له، اعتبر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن النهج الأميركي الحالي لا يشير إلى الاستعداد لمفاوضات متكافئة، مؤكدًا أن الملف النووي الإيراني لا يمكن حله عسكريًا. وأضاف أن إيران ستظل مستعدة للانخراط في الدبلوماسية، ولكن ليس في مفاوضات تهدف إلى فرض شروط مسبقة.
البروتوكول الإضافي وأهميته في الرقابة النووية
البروتوكول الإضافي، الذي وقعته إيران عام 2003 لكنها لم تصادق عليه، كان حجر الزاوية في اتفاق عام 2015 الذي أدى إلى رفع العقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي. يسمح هذا البروتوكول للوكالة الدولية للطاقة الذرية بممارسة رقابة أوسع على الأنشطة النووية للدول، بما في ذلك إجراء عمليات تفتيش مفاجئة.
انهار اتفاق 2015 بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في عام 2018، وردت إيران بالتخلي عن القيود المفروضة عليها، بما في ذلك البروتوكول الإضافي. هذا الانسحاب أدى إلى فقدان الوكالة للقدرة على مراقبة بعض جوانب البرنامج النووي الإيراني بشكل فعال.
وفقدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الرقابة على مخزون إيران من أجهزة الطرد المركزي بعد توقف طهران عن تنفيذ البروتوكول الإضافي في عام 2021. الآن، تقتصر قدرة الوكالة على مراقبة الأجهزة الموجودة في منشآت التخصيب المعلنة، والتي تعرضت بالفعل لأضرار في الهجمات العسكرية.
من المتوقع أن يستمر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مناقشة هذا الملف في الأيام والأسابيع القادمة. سيكون من المهم مراقبة رد فعل إيران على القرار، وما إذا كانت ستتخذ خطوات للامتثال لمتطلبات الوكالة. كما سيكون من الضروري متابعة التطورات الدبلوماسية المحتملة بين إيران والولايات المتحدة، والتي قد تؤثر على مستقبل التعاون النووي.
الوضع الحالي يمثل تحديًا كبيرًا للجهود الدولية الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية. ويتطلب حلًا دبلوماسيًا يراعي مصالح جميع الأطراف، ويضمن الشفافية والمساءلة في الأنشطة النووية الإيرانية.










