يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إطلاق مبادرة طموحة تهدف إلى تسريع وتيرة تطوير الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، وذلك عبر أمر تنفيذي جديد. تأتي هذه الخطوة في سياق حرص الإدارة الأمريكية على تعزيز مكانة البلاد في هذا المجال الحيوي، ومواجهة التنافس المتزايد من دول أخرى، وعلى رأسها الصين. ووفقًا لمسؤول في وزارة الطاقة الأمريكية، فإن المبادرة تحمل اسم “مهمة جينيسيس” وتسعى إلى جعل تطوير الذكاء الاصطناعي أولوية وطنية.
صرح كارل كو، رئيس موظفي وزارة الطاقة، خلال مؤتمر “الفرص في مجال الطاقة” في نوكسفيل بولاية تينيسي، أن هذه المبادرة توازي في أهميتها مشاريع تاريخية سابقة مثل “مشروع مانهاتن” لتطوير القنبلة الذرية وسباق الفضاء. وتهدف إلى حشد الموارد وتوجيه الجهود نحو تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي الناشئة، مع التركيز على الشراكات بين القطاعين العام والخاص. ولم يكشف كو عن تفاصيل إضافية حول المبادرة في الوقت الحالي.
تعزيز مكانة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي
تأتي هذه المبادرة في ظل قلق متزايد داخل الإدارة الأمريكية بشأن التنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد أعرب الرئيس ترامب علنًا عن مخاوفه من أن الصين قد تتفوق على الولايات المتحدة في هذا المجال، مشيرًا إلى أن اللوائح التنظيمية الأكثر مرونة في الصين تمنحها ميزة تنافسية. وشدد ترامب على ضرورة تبسيط الإجراءات وتوحيد المعايير على مستوى البلاد لتسريع عملية الابتكار.
تبسيط اللوائح التنظيمية وتوحيد المعايير
بالإضافة إلى “مهمة جينيسيس”، تعمل إدارة ترامب على أمر تنفيذي آخر يهدف إلى تحدي اللوائح المتعلقة بالذكاء الاصطناعي على مستوى الولايات. يسمح هذا الأمر لوزارة العدل بمقاضاة الولايات التي تعتبر قوانينها مقيدة بشكل مفرط أو غير دستورية، وقد يؤدي إلى خفض التمويل الفيدرالي لتلك الولايات. ويرى الرئيس ترامب أن وجود مجموعة متنوعة من اللوائح على مستوى الولايات يشكل “كارثة” محتملة، حيث قد يدفع الشركات إلى نقل عملياتها إلى أماكن أخرى.
الاستثمار في الأبحاث والبنية التحتية
تتضمن خطط الإدارة الأمريكية أيضًا توسيع نطاق الأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي، وتشجيع الاستثمار في البنية التحتية اللازمة لدعم هذا التطور. وقد كشفت شركة “إنفيديا” (NVIDIA) الشهر الماضي عن شراكات مع وزارة الطاقة لتطوير سبعة حواسيب عملاقة جديدة مجهزة بشرائح الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة، وذلك في منشآت بحثية تديرها الحكومة الفيدرالية. يهدف هذا الاستثمار إلى تعزيز القدرات البحثية للولايات المتحدة في مجالات مثل الهندسة وعلوم المواد والكيمياء والأحياء وعلم الأعصاب.
وتشمل هذه الجهود أيضًا تطوير “مختبرات آلية مُرتبطة بالسحابة” تتيح للباحثين الوصول إلى موارد حوسبة متقدمة وتحليل البيانات على نطاق واسع. وتهدف هذه المختبرات إلى تسريع عملية الاكتشاف والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، وتمكين الولايات المتحدة من الحفاظ على ريادتها في هذا المجال.
في سياق متصل، دعا الرئيس ترامب الكونجرس الأمريكي إلى إقرار معيار فيدرالي موحد يحكم الذكاء الاصطناعي، إما كجزء من مشروع قانون الإنفاق الدفاعي القادم أو كتشريع مستقل. وقد أيد قادة الجمهوريين في مجلس النواب هذه الدعوة، مشيرين إلى أنهم “يبحثون” في إمكانية إضافة هذه الصياغة إلى قانون تفويض الدفاع الوطني. ومع ذلك، فقد واجهت محاولات مماثلة معارضة في مجلس الشيوخ في الماضي.
وتشير التقارير إلى أن هذه الخطوات تأتي بعد تحذيرات من قادة الصناعة، مثل الرئيس التنفيذي لشركة “إنفيديا” جنسن هوانج، الذي أكد أن اللوائح الصينية الأقل تعقيدًا تمنح بكين ميزة في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي. كما أن هذه المبادرة تعكس وعيًا متزايدًا بأهمية الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك الدفاع والتصنيع والرعاية الصحية.
من المتوقع أن يصدر الأمر التنفيذي الخاص بـ “مهمة جينيسيس” في الأسابيع القليلة القادمة. وسيكون من المهم مراقبة كيفية تنفيذ هذه المبادرة، وما إذا كانت ستؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة، المتمثلة في تعزيز الابتكار وتسريع وتيرة تطوير الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة. كما سيكون من المهم متابعة رد فعل الولايات على الأمر التنفيذي المتعلق باللوائح، وتقييم ما إذا كانت ستتصالح مع المعايير الفيدرالية أو ستحاول مقاومتها.










