أثار تقرير حديث جدلاً واسعاً حول الأثر البيئي لامتلاك الكلاب، وكيف يقيّم الأفراد تأثير خياراتهم اليومية على المناخ. وجدت دراسة أجريت حديثاً أن الكثيرين يقللون من الأثر البيئي لتربية الكلاب، بينما يبالغون في تقدير تأثير بعض الممارسات الصديقة للبيئة مثل إعادة التدوير. هذا الاكتشاف يثير تساؤلات حول كيفية توجيه الجهود نحو تقليل البصمة الكربونية بشكل فعال.
نُشرت الدراسة، التي قادها باحثة علم النفس البيئي دانييل غولدورت، في مجلة PNAS Nexus، وأثارت ردود فعل متباينة على وسائل التواصل الاجتماعي. بينما كان الهدف من الدراسة هو تحديد المعلومات المناخية الأكثر فعالية لتشجيع الأفراد على اتخاذ إجراءات إيجابية، تم تفسيرها على نطاق واسع على أنها انتقاد لمالكي الكلاب.
الأثر البيئي لـ الكلاب: ما الذي كشفته الدراسة؟
ركزت الدراسة على تقييم كيفية إدراك الناس للأثر المناخي لسلوكيات مختلفة. شملت هذه السلوكيات تبني نظام غذائي نباتي، والانتقال إلى وسائل النقل العام المتجددة، وعدم شراء أو تبني كلب. وتبين أن المشاركين في الدراسة يميلون إلى المبالغة في تقدير تأثير الإجراءات منخفضة الأثر، مثل استخدام الأجهزة الموفرة للطاقة، في حين أنهم يقللون بشكل كبير من تأثير القرارات الأخرى، بما في ذلك قرار امتلاك كلب.
عوامل تساهم في الأثر البيئي للكلاب
يرجع الأثر البيئي للكلاب إلى عدة عوامل. أولاً، تتطلب الكلاب كميات كبيرة من الغذاء، وغالبًا ما يعتمد إنتاج هذا الغذاء على الزراعة المكثفة التي تستهلك موارد طبيعية كبيرة. ثانياً، تساهم الكلاب في إنتاج النفايات التي تتطلب معالجة. بالإضافة إلى ذلك، فإن إنتاج أدوات العناية بالكلاب، مثل الألعاب والأطواق، له أيضًا بصمة كربونية.
وفقًا لبعض التقديرات، يمكن أن يكون للكلب متوسط الحجم بصمة كربونية مماثلة لسيارة صغيرة. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن هذه التقديرات تختلف بشكل كبير اعتمادًا على حجم الكلب ونوع الطعام الذي يتناوله وعادات المالك.
ردود الفعل والانتقادات
أثارت نتائج الدراسة جدلاً واسعاً على الإنترنت، حيث عبّر العديد من مالكي الكلاب عن استيائهم من فكرة أن حيواناتهم الأليفة تساهم في تفاقم أزمة المناخ. واعتبر البعض أن هذه النتائج هي محاولة لتشويه سمعة مالكي الكلاب وإلقاء اللوم عليهم في مشكلة عالمية.
أكدت غولدورت وفريقها أنهم لم يقصدوا إثارة الجدل أو مهاجمة مالكي الكلاب. وأوضحت أن هدفهم هو مساعدة الناس على فهم الأثر الحقيقي لخياراتهم اليومية، وتشجيعهم على اتخاذ قرارات أكثر استدامة. وأضافت أن الدراسة لا تدعو إلى التخلي عن الكلاب، بل تسعى إلى زيادة الوعي حول الأثر البيئي لتربيتها.
بالإضافة إلى ذلك، أشار بعض الخبراء إلى أن التركيز على الكلاب قد يصرف الانتباه عن القضايا الأكثر أهمية في مكافحة تغير المناخ، مثل حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات. ويرون أن معالجة هذه القضايا الأساسية هي الأكثر فعالية في تقليل البصمة الكربونية العالمية. الاستدامة البيئية تتطلب جهوداً شاملة.
التأثير على سلوك المستهلك
من المرجح أن تؤثر هذه الدراسة على سلوك المستهلك، حيث قد يدفع المزيد من الناس إلى التفكير في الأثر البيئي لخياراتهم المتعلقة بالحيوانات الأليفة. قد يؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على الأطعمة النباتية للكلاب، أو إلى تبني الكلاب من الملاجئ بدلاً من شرائها من مربين. رفاهية الحيوان جزء لا يتجزأ من هذه المناقشات.
ومع ذلك، من المهم أيضًا أن ندرك أن امتلاك كلب يمكن أن يكون له فوائد اجتماعية ونفسية كبيرة. يمكن للكلاب أن توفر الرفقة والدعم العاطفي، وتشجع على النشاط البدني والتفاعل الاجتماعي. لذلك، يجب الموازنة بين الأثر البيئي لامتلاك كلب وفوائده المحتملة.
الخطوات التالية والمستقبل
من المتوقع أن يستمر النقاش حول الأثر البيئي للكلاب في المستقبل القريب. من المرجح أن تجري المزيد من الدراسات لتقييم هذا الأثر بشكل أكثر دقة، وتحديد الطرق الأكثر فعالية لتقليله. كما من المتوقع أن تزداد الوعي بأهمية اتخاذ خيارات مستدامة في جميع جوانب حياتنا، بما في ذلك رعاية الحيوانات الأليفة.
في غضون الأشهر القادمة، قد نشهد مبادرات جديدة من شركات أغذية الحيوانات الأليفة لتقديم منتجات أكثر استدامة، أو من منظمات الرفق بالحيوان لتعزيز تبني الكلاب من الملاجئ. يبقى أن نرى كيف ستتطور هذه المناقشات، وما إذا كانت ستؤدي إلى تغييرات ملموسة في سلوك المستهلكين وممارسات الصناعة. التغير المناخي يتطلب حلولاً متعددة الأوجه.










