تراجعت قيمة الروبية الهندية إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار الأمريكي، مسجلةً 89.4812، بعدما قرر البنك الاحتياطي الهندي عدم التدخل المباشر في سوق العملات للدفاع عن عملته. يأتي هذا الانخفاض في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن التوصل إلى اتفاق تجاري شامل مع الولايات المتحدة، مما يزيد الضغط على الاقتصاد الهندي وقيمة عملته الوطنية.
يُعد هذا الهبوط الأكثر حدة في قيمة الروبية منذ فترة طويلة، حيث تجاوزت حاجز 89 الذي كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه خط أحمر ستتدخّل لحمايته سلطات البنك المركزي الهندي. وقد أثار قرار عدم التدخل قلقًا واسعًا بين المتداولين والمستوردين، مما دفعهم إلى تعديل توقعاتهم وتصفية مراكزهم.
تأثير غياب اتفاق تجاري على الروبية الهندية
ويرى المحللون أن تأخير التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة يُعد أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر سلبًا على قيمة الروبية. تفرض الولايات المتحدة حاليًا رسومًا جمركية بنسبة 50% على بعض الصادرات الهندية، وهي من بين الأعلى بين دول آسيا، مما يعيق التجارة ويؤثر على الميزان التجاري للهند.
صرح محافظ البنك الاحتياطي الهندي، سانجاي مالهوترا، مؤخرًا بأن الضغوط على الروبية ستخف بمجرد إبرام اتفاق تجاري “جيد” مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، لم يتم الإعلان عن أي تقدم ملموس في المفاوضات حتى الآن، مما زاد من حالة عدم اليقين في السوق.
رد فعل السوق وتوقعات المحللين
أفادت أنينديا بانيرجي، محللة استراتيجيات العملات في “كوتاك سيكيوريتيز”، بأن المتداولين بدأوا في إغلاق رهاناتهم ضد الدولار بعد قرار البنك المركزي. وأضاف ديليب بارمار، محلل العملات الأجنبية في “إتش دي إف سي سيكيوريتيز”، أن السوق شهدت “ذعرًا حقيقيًا” بسبب عدم التدخل المتوقع.
في الأسابيع الأخيرة، كان البنك الاحتياطي الهندي يبيع الدولار في محاولة لدعم الروبية وتقليل التقلبات. لكن هذه التدخلات أدت إلى استنزاف السيولة بالروبية في النظام المصرفي وخفض احتياطيات النقد الأجنبي، مما قد يكون ساهم في قرار عدم التدخل الإضافي.
وبحسب بيانات البنك المركزي، انخفضت احتياطيات النقد الأجنبي بنحو 10 مليارات دولار منذ منتصف سبتمبر. يُعتقد أن البنك المركزي يراقب الوضع عن كثب، لكنه قد يتردد في استنزاف المزيد من الاحتياطيات في ظل حالة عدم اليقين الحالية.
الروبية الأسوأ أداءً في آسيا
تُعد الروبية الهندية حاليًا أسوأ عملة أداءً في آسيا هذا العام، حيث فقدت حوالي 4.3% من قيمتها مقابل الدولار. يعزو المحللون هذا الأداء الضعيف إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك ارتفاع أسعار النفط، وتدفقات رأس المال الخارجة، والضغوط التجارية مع الولايات المتحدة.
يرى ديراج نيم، محلل استراتيجيات العملات في “مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية”، أن البنك الاحتياطي الهندي قد “انسحب من السوق” في ظل زيادة الطلب على الدولار. ويتوقع أن تستقر الروبية حول مستوى 89.40 في الوقت الحالي.
أشار ريتيش بهنسالي، نائب الرئيس التنفيذي في “ميكلاي فاينانشال سيرفيسز”، إلى أن الطلب القوي على الدولار هو المحرك الرئيسي لتراجع الروبية، وليس بالضرورة وجود أخبار سلبية حول الاتفاق التجاري.
من المتوقع أن يستمر البنك الاحتياطي الهندي في مراقبة سوق العملات عن كثب، وقد يتدخل إذا لزم الأمر لمنع حدوث تقلبات مفرطة. ومع ذلك، فإن مستقبل الروبية يعتمد إلى حد كبير على التطورات في المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، وعلى استقرار أسعار النفط، وعلى تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة. يجب متابعة أي تصريحات رسمية من البنك الاحتياطي الهندي أو وزارة التجارة الهندية للحصول على رؤى أعمق حول الوضع.










