وصل وفد قيادي من حركة حماس إلى القاهرة مساء السبت، بهدف استئناف المفاوضات المتعلقة بـوقف إطلاق النار في غزة وترتيبات المرحلة الثانية من الاتفاق. يلتقي الوفد، بقيادة خليل الحية، بمسؤولين مصريين لمناقشة الخروقات الإسرائيلية الأخيرة، والبحث في آليات تشكيل لجنة تكنوقراط مستقلة لإدارة القطاع، في ظل استمرار التوترات الميدانية.
تأتي هذه التحركات في وقت تشهد فيه غزة استمراراً للغارات الإسرائيلية، مما يهدد الاتفاق الهش لوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أكتوبر الماضي. وتشمل المحادثات أيضاً بحث سبل معالجة التحديات التي تواجه عملية إعادة الإعمار وتخفيف الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعاني منها سكان القطاع.
الخروقات الإسرائيلية وتصعيد التوترات
اتهمت حركة حماس الجيش الإسرائيلي بشن غارات جوية وقصف مدفعي على مناطق شرق قطاع غزة، بالإضافة إلى إجراء تغييرات على الخطوط الفاصلة المنصوص عليها في خرائط وقف إطلاق النار. وأدانت الحركة هذه “الخروقات الممنهجة” التي أدت، وفقاً لبيان صادر عنها، إلى مقتل العشرات من الفلسطينيين وإصابة المئات منذ بدء سريان الاتفاق.
تأثير الغارات على المدنيين
أفادت مصادر طبية فلسطينية أن الغارات الإسرائيلية التي وقعت السبت أودت بحياة أكثر من 24 فلسطينياً، بينهم عدد كبير من الأطفال، في مناطق مختلفة من قطاع غزة. واستهدفت الضربات بشكل خاص حي الرمال في مدينة غزة، ومخيم النصيرات، ودير البلح، مما أدى إلى تدمير منازل وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية المدنية.
ذكر مدير مستشفى الشفاء، محمد أبو سلمية، أن معظم الجرحى الذين وصلوا إلى المستشفى كانوا من الأطفال، مما يعكس الأثر المدمر للغارات على السكان المدنيين.
ردود الفعل الإسرائيلية
زعمت إسرائيل أن الغارات جاءت رداً على إطلاق نار باتجاه قواتها، لكن الجيش الإسرائيلي لم يعلن عن وقوع إصابات في صفوف جنوده.
مفاوضات المرحلة الثانية وإدارة غزة
تركز المفاوضات الجارية في القاهرة على ترتيبات بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والتي تشمل تبادل المزيد من الأسرى والمعتقلين، وفتح معابر حدودية بشكل كامل، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
بالإضافة إلى ذلك، يناقش الوفد الفلسطيني مع المسؤولين المصريين تشكيل لجنة تكنوقراط مستقلة تتولى إدارة قطاع غزة، في إطار جهود لإعادة بناء القطاع وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان. وتشمل هذه اللجنة ممثلين عن مختلف الفصائل الفلسطينية، بالإضافة إلى خبراء مستقلين في مجالات الإدارة والاقتصاد والخدمات.
وتأتي هذه الجهود بالتزامن مع الخطة الأمريكية لتأمين وإدارة قطاع غزة، والتي وافق عليها مجلس الأمن الدولي مؤخراً. وتشمل الخطة إنشاء قوة استقرار دولية، والموافقة على سلطة انتقالية، بالإضافة إلى تصور لمسار محتمل نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
منذ أكتوبر 2023، قتلت إسرائيل في حربها على قطاع غزة 69 ألفاً و733 فلسطينياً، فيما أصيب 170 ألفاً و863، وفقاً لبيانات رسمية فلسطينية. وبموجب شروط وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، أطلقت حماس سراح جميع المحتجزين الأحياء العشرين في غزة، مقابل إطلاق سراح ما يقرب من ألفي أسير فلسطيني لدى إسرائيل. كما وافقت حماس على تسليم رفات 28 إسرائيلياً، وجرى تسليم 25 منهم حتى الآن، مقابل جثامين 330 فلسطينياً.
من المتوقع أن تنضم فصائل فلسطينية أخرى إلى اللقاءات في القاهرة خلال الأيام القادمة. وستراقب الأوساط الإقليمية والدولية عن كثب نتائج هذه المفاوضات، وتقييم مدى التزام الأطراف بتنفيذ الاتفاقات المبرمة، وتجنب أي تصعيد إضافي للتوترات في قطاع غزة. يبقى الوضع في غزة هشاً، ويعتمد مستقبل الهدنة على قدرة الأطراف على معالجة الخروقات الإسرائيلية المتزايدة والتوصل إلى حلول مستدامة للأزمة الإنسانية.










