تشهد معدلات العنف ضد المرأة عبر الإنترنت تصاعدًا ملحوظًا، مما يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الجنسين في الحياة الواقعية. حذرت مديرة قسم الأمم المتحدة للمرأة في أوروبا، بيليين سانز، من بيئة متزايدة العداء تجاه الفتيات والنساء، مؤكدة أن العنف الرقمي هو شكل حقيقي من أشكال العنف له عواقب وخيمة.
أفادت سانز في تصريحات لـ “يورونيوز” أن العنف الرقمي يقوض أصوات النساء وحقوقهن وخياراتهن. وكشف تقرير صادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية عام 2021 أن 74٪ من النساء في أوروبا تعرضن للعنف عبر الإنترنت بأنفسهن أو شهدنه ضد امرأة أخرى. وتأتي هذه الزيادة في وقت حرج، حيث تواجه النساء تحديات متزايدة في مختلف جوانب الحياة.
العنف ضد المرأة عبر الإنترنت: انعكاس لواقع مرير
تعتبر العنف ضد المرأة قضية عالمية، والعنف الرقمي ليس استثناءً. تشير الإحصائيات إلى أن واحدة من كل ثلاث نساء في الاتحاد الأوروبي تعرضت لشكل من أشكال العنف الجسدي أو الجنسي في حياتها، وفقًا لمعهد المساواة بين الجنسين الأوروبي. وبين عامي 2014 و 2024، لم يشهد هذا الرقم تحسنًا كبيرًا، حيث انخفض بنسبة أقل من نقطة مئوية واحدة خلال عشر سنوات.
بالإضافة إلى ذلك، يشير تقرير صادر عن شركة Home Security Heroes المتخصصة في الأمن السيبراني إلى أن المواد الإباحية المزيفة (deepfake pornography) تمثل حوالي 98٪ من جميع مقاطع الفيديو المزيفة على الإنترنت، وأن 99٪ من الضحايا هن نساء. تستخدم هذه التقنية وجوه النساء لإنشاء محتوى جنسي دون موافقتهن، مما يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوقهن وكرامتهن.
تأثير الذكاء الاصطناعي والتضليل
تؤكد سانز على أهمية تنظيم تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية، بالإضافة إلى ضرورة تمكين الأفراد، وخاصة الشباب، من التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة. وتشير إلى وجود تراجع مجتمعي، مدفوعًا بتزايد المعلومات المضللة التي تؤثر على فهم المجتمع لتقدم المرأة.
وكشف استطلاع للرأي أجري عام 2025 شمل أكثر من 24 ألف شخص في 30 دولة أن 57٪ من الرجال من جيل Z و 56٪ من الرجال من جيل الألفية يشعرون أن بلدانهم “بالغت في تعزيز المساواة بين الجنسين”. ويرى البعض أن هذا التصور لا يرتبط بالضرورة بالتقدم الفعلي، بل يعكس تحديات مجتمعية أوسع، بما في ذلك الوصول إلى فرص العمل والاستقرار الاقتصادي.
تزايد العنف ضد النساء في المجال العام
تتعرض النساء اللاتي يلعبن دورًا عامًا لمستويات غير متناسبة من العنف والتحرش. على الرغم من الزيادة التدريجية في تمثيل المرأة في السياسة على مدى العقد الماضي، حيث بلغت 33.4٪ من المقاعد في البرلمانات الوطنية في الاتحاد الأوروبي في عام 2024، إلا أن تمثيلهن على المستوى المحلي لا يزال منخفضًا وغير متساوٍ.
بالإضافة إلى الحواجز التقليدية التي تواجه النساء في الوصول إلى السياسة، مثل الصور النمطية الجنسانية وصعوبة التوفيق بين العمل والحياة، تتعرض النساء في المناصب العامة لتدقيق أكبر ومعايير أعلى مقارنة بنظيراتهن من الرجال. تشير البيانات من مجلس البلديات والمناطق الأوروبية إلى أن حوالي 32٪ من النساء في السياسة في أوروبا أبلغن عن تعرضهن للعنف، مع تعرض ما يقرب من ثلثهن للعنف الإلكتروني، بما في ذلك التهديدات والتحرش والإساءة على المنصات الرقمية.
تؤكد سانز أن الديمقراطية القوية هي تلك التي تضم المزيد من النساء في مواقع صنع القرار، وأن تحقيق ذلك يتطلب ضمان حمايتهن، كما يجب حماية الجميع عند ممارسة حقهم في المشاركة في الحياة العامة. إن العنف ضد المرأة في المجال العام يمثل تهديدًا للديمقراطية ويقوض مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
تطلق الأمم المتحدة حملتها السنوية “16 يومًا من النشاط ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي” يوم الثلاثاء، وستركز هذا العام على إنهاء العنف الرقمي ضد جميع النساء والفتيات. تأمل الأمم المتحدة أن تساهم هذه الحملة في زيادة الوعي حول هذه القضية الهامة وحشد الدعم لاتخاذ إجراءات ملموسة لحماية النساء والفتيات من العنف الرقمي. من المتوقع أن تشمل الحملة فعاليات وورش عمل ومبادرات توعية تهدف إلى تغيير المواقف والسلوكيات وتعزيز المساواة بين الجنسين.










