أعرب أكثر من 1000 موظف في أمازون بشكل مجهول عن قلقهم العميق بشأن التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي في الشركة، محذرين من آثار مدمرة محتملة على الديمقراطية، وفرص العمل، والبيئة. جاء هذا التحذير في رسالة مفتوحة نشرها مجموعة “أمازون للموظفين من أجل المناخ” يوم الأربعاء، مؤكدةً على ضرورة إعادة النظر في استراتيجية الشركة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وتطوراته. يأتي هذا التعبير عن القلق في ظل استثمارات ضخمة تبذلها شركات التكنولوجيا الكبرى في هذا المجال.
مخاوف متزايدة بشأن تطوير الذكاء الاصطناعي في أمازون
بدأت مجموعة “أمازون للموظفين من أجل المناخ” بجمع تواقيع الموظفين على الرسالة المفتوحة الشهر الماضي، ونجحت في الوصول إلى هدفها الأولي، ثم نشرت مناصب الموظفين الموقعين. وكشفت المجموعة أن أكثر من 2400 مؤيدًا من منظمات أخرى، بما في ذلك جوجل وآبل، قد انضموا إليهم في هذا الموقف. يشمل الموقعون كبار المهندسين وقادة المنتجات ومديري التسويق وموظفي المستودعات من مختلف أقسام أمازون.
التأثير على الوظائف وسوق العمل
يعبر موظفو أمازون عن خشيتهم من أن سباق بناء أنظمة الذكاء الاصطناعي الأفضل قد دفع الإدارة إلى التهاون في حقوق العمال والتأثير السلبي على البيئة. يرى أحد مديري الهندسة في أمازون، والذي يعمل في الشركة لأكثر من 20 عامًا، أن الذكاء الاصطناعي أصبح “كالمخدر” الذي تستخدمه الشركات كذريعة لتسريح العمال واستخدام المدخرات في بناء مراكز بيانات لا تستفيد منها بشكل مباشر.
هذا القلق بشأن الوظائف هو جزء من اتجاه أوسع، حيث تثير تقنيات الأتمتة والذكاء الاصطناعي مخاوف متزايدة بشأن مستقبل العمل. تقارير حديثة تشير إلى إمكانية تضرر ملايين الوظائف في مختلف القطاعات بسبب هذه التقنيات.
الاستثمار في مراكز البيانات وتأثيرها البيئي
تشهد شركات التكنولوجيا الكبرى، بما في ذلك أمازون، طفرة في الاستثمار في بناء مراكز بيانات جديدة لتدريب وتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية. يتطلب تشغيل هذه الأنظمة طاقة كهربائية هائلة، مما يضطر شركات الطاقة إلى الاعتماد على محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم ومصادر أخرى ملوثة. هذا يؤدي إلى تفاقم أزمة المناخ ويزيد من الانبعاثات الكربونية.
في المقابل، تتبنى بعض الشركات استراتيجيات أكثر استدامة لتشغيل مراكز البيانات، مثل استخدام مصادر الطاقة المتجددة وتقنيات تبريد أكثر كفاءة. ولكن، يبدو أن وتيرة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي تفوق الجهود المبذولة لتقليل البصمة الكربونية لهذه المراكز.
مطالب الموظفين
تطالب الرسالة المفتوحة أمازون بالتخلي عن استخدام الوقود الأحفوري في مراكز البيانات، ومنع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للمراقبة والترحيل الجماعي، والتوقف عن إجبار الموظفين على استخدام الذكاء الاصطناعي في عملهم. يؤكد الموظفون أنهم يشعرون بقلق بالغ إزاء هذا التوسع السريع في مجال الذكاء الاصطناعي في ظل صعود النزعة السلطوية عالميًا وفي السنوات الأكثر أهمية لمعالجة أزمة المناخ.
يهدف هذا الطلب إلى ضمان التزام أمازون بالمسؤولية الاجتماعية والبيئية في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. يعتقد الموظفون أن هناك حاجة إلى وضع ضوابط أخلاقية وقانونية صارمة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي وحماية حقوق الإنسان والبيئة.
أداء الذكاء الاصطناعي في أمازون وتوقعات الرئيس التنفيذي
على الرغم من هذه المخاوف، يبدو الرئيس التنفيذي لأمازون، آندي جاسي، متفائلاً بشأن مستقبل الذكاء الاصطناعي في الشركة. أعلن جاسي الشهر الماضي أن روبوت التسوق الخاص بأمازون، “روفوس”، في طريقه إلى زيادة مبيعات الشركة بمبلغ 10 مليارات دولار سنويًا، وأشار إلى أن “روفوس” يتحسن باستمرار.
هذه التصريحات تؤكد الأهمية التي توليها أمازون للاستثمار في الذكاء الاصطناعي، وتظهر توقعاتها بتحقيق عوائد مالية كبيرة من خلال هذه التقنيات. ومع ذلك، فإنها تزيد أيضًا من الضغط على الشركة لتوضيح كيف ستتعامل مع المخاوف الأخلاقية والاجتماعية والبيئية المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي.
يتزايد النقاش العالمي حول تنظيم الذكاء الاصطناعي، مع مطالبات بوضع قوانين تضمن سلامة وأخلاقيات هذه التقنيات. قد تواجه أمازون، مثلها مثل شركات التكنولوجيا الأخرى، ضغوطًا متزايدة من الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمستهلكين لتبني ممارسات أكثر مسؤولية في تطوير الذكاء الاصطناعي.
من المتوقع أن تقوم أمازون بالرد رسميًا على الرسالة المفتوحة في الأيام القليلة المقبلة. المراقبون ينتظرون لمعرفة ما إذا كانت الشركة ستتعهد بإجراء تغييرات في استراتيجيتها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، أم أنها ستواصل التركيز على النمو والابتكار بغض النظر عن المخاوف المطروحة. المستقبل سيحدد مدى قدرة أمازون على الموازنة بين الطموحات التقنية والمسؤولية الاجتماعية والبيئية.










