أعلنت مجموعة من الضباط العسكريين في غينيا بيساو “السيطرة الكاملة” على البلاد، وذلك قبل يوم واحد من الموعد المتوقع لإعلان نتائج الانتخابات الرئاسية المتنافس عليها بشدة. وقد أثار هذا التحرك، الذي يهدد الاستقرار في غينيا بيساو، مخاوف إقليمية ودولية، ووضع البلاد على شفا أزمة سياسية جديدة. وتأتي هذه التطورات بعد إعلان كل من الرئيس الحالي أومارو سيسوكو إمبالو ومنافسه الرئيسي فرناندو دياس فوزهما بالانتخابات، مما زاد من حدة التوتر.
انقلاب عسكري يهدد الانتخابات الرئاسية في غينيا بيساو
أفاد مراسلون بأن إطلاق نار مستمرًا سُمع بالقرب من مقر لجنة الانتخابات، والقصر الرئاسي، ووزارة الداخلية في العاصمة بيساو. وقد أعلن الضباط، الذين وصفوا أنفسهم بـ “القيادة العسكرية العليا لاستعادة النظام”، عن تعليق فوري للعملية الانتخابية “حتى إشعار آخر” في بيان بثه التلفزيون الرسمي. بالإضافة إلى ذلك، أمروا بإغلاق جميع الحدود البرية والجوية والبحرية، وفرض حظر التجول الليلي.
أكد الرئيس إمبالو، في مكالمة هاتفية مع قناة “فرانس 24” الفرنسية، أنه “أُطيح به”، مضيفًا أنه “متواجد حاليًا في مقر هيئة الأركان العامة”. وذكرت تقارير إخبارية أن إمبالو قيد الاحتجاز العسكري. كما أفادت مصادر بأن رئيس حزب PAIGC المعارض، دومينغوس سيمويس بيريرا، قد ألقي القبض عليه أيضًا.
خلفية التوترات السياسية
تأتي هذه الأحداث في أعقاب انتخابات اتسمت بالجدل، حيث أثارت مجموعات المجتمع المدني ومراقبون تساؤلات حول نزاهتها، خاصة بعد استبعاد حزب PAIGC من المشاركة في السباق الرئاسي. وقد أدى هذا الاستبعاد إلى تفاقم الانقسامات السياسية في البلاد.
قبل الإعلان عن تعليق العملية الانتخابية، أعلن كل من إمبالو ودياس فوزهما بالانتخابات دون تقديم أدلة قاطعة. وقال المتحدث باسم حملة إمبالو، أوسكار باربوسا، إن الرئيس “سيفوز بولاية ثانية”. في المقابل، نشر دياس مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يدعي فيه الفوز، مؤكدًا أن “الانتخابات قد حُسمت في الجولة الأولى”.
تجدر الإشارة إلى أن غينيا بيساو شهدت عدة انقلابات ومحاولات انقلاب منذ استقلالها عن البرتغال عام 1974، مما يعكس تاريخًا من عدم الاستقرار السياسي. وقد شهدت الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2019 أزمة استمرت أربعة أشهر، حيث أعلن كل من إمبالو وبيريرا فوزهما.
ردود الفعل الإقليمية والدولية على الوضع في غينيا بيساو
عبرت كل من منظمة “إيكواس” (ECOWAS) والاتحاد الأفريقي عن قلقهما العميق إزاء الانقلاب العسكري في غينيا بيساو. وقد أصدرت المنظمتان بيانًا مشتركًا أعربا فيه عن أسفهما لتزامن الإعلان عن الانقلاب مع اختتام مهمة مراقبة الانتخابات، والتي أكد خلالها المرشحان الرئيسيان استعدادهما لقبول إرادة الشعب.
ودعت المنظمتان الإقليميتان القوات المسلحة إلى الإفراج الفوري عن المسؤولين المحتجزين، والسماح باستكمال العملية الانتخابية. كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، جميع الأطراف الوطنية في غينيا بيساو إلى ممارسة ضبط النفس واحترام سيادة القانون. وأكد غوتيريش أنه سيواصل متابعة الوضع في البلاد عن كثب.
من جانبها، دعت الحكومة البرتغالية إلى الامتناع عن “أي عمل عنف مؤسسي أو مدني”، وأكدت على ضرورة السماح للمؤسسات الحكومية في غينيا بيساو بالعمل بشكل طبيعي لإتمام العملية الانتخابية.
الوضع في غينيا بيساو لا يزال متطورًا وغير واضح. من المتوقع أن تتخذ “إيكواس” والاتحاد الأفريقي خطوات إضافية خلال الأيام القادمة للضغط على القوات المسلحة لإعادة السلطة إلى المدنيين. ومع ذلك، فإن مستقبل العملية الانتخابية والتحول السياسي في البلاد يظل غير مؤكدًا، ويتوقف على تطورات الأحداث وقدرة الأطراف المعنية على التوصل إلى حل سلمي.










