اتفق خبراء ومحللون سياسيون على أن أبرز تداعيات زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن هو التغير الملحوظ في الخطاب الأميركي، والضغط على تل أبيب لإيقاف الحرب وتبني حل الدولتين.
وبحسب الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى، فإن نشوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد حديثه أمام الكونغرس لم تدم طويلا، مشيرا إلى أن تصريحات كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي تتناقض تماما مع السردية التي أراد نتنياهو نقلها للشعب الأميركي، والتي تصور إسرائيل والشعب اليهودي كضحايا في هذه الحرب.
واتفق الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة مع ذلك الرأي، واعتبر أن تصريحات هاريس حول حقوق الشعب الفلسطيني تعطي نوعا من الأمل والتفاؤل فيما يتعلق بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
وعبّر عن أمله في ألا تكون هذه التصريحات للاستهلاك الانتخابي، وأن تضغط هاريس على الرئيس الأميركي جو بايدن لاتخاذ إجراءات فورية للضغط على نتنياهو ليوقف الحرب.
تغير في الخطاب
ويرى الحيلة أن التغيرات التي طرأت على مواقف بريطانيا ونيوزيلندا وأستراليا إضافة إلى كندا تسبب حرجا بالغا لحكومة نتنياهو، مشيرا إلى أن هناك تقبلا دوليا لمطالب الشعب الفلسطيني بوقف إطلاق النار وانسحاب الاحتلال.
وعضد تشارلز دان، عضو مجلس الأمن القومي الأميركي السابق والدبلوماسي السابق بسفارتي الولايات المتحدة في مصر وإسرائيل، رأي من سبقوه وقال إن المسؤولين الأميركيين يقفون على نفس الخط فيما يتعلق بالوضع في غزة.
وأضاف أن هاريس أكدت ضرورة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، والعودة إلى حل الدولتين، إلى جانب حديثها عن تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، وهو ما يختلف كثيرا عما كان يسمعه نتنياهو سابقا من الإدارة الأميركية.
وبحسب دان، فإن النبرة التي تحدثت بها الإدارة الأميركية مع نتنياهو مختلفة، مشيرا إلى حديث هاريس التي ركزت على معاناة الشعب الفلسطيني، ودعت بشكل صريح إلى وقف إطلاق النار.
ضغوط متزايدة على نتنياهو
كما أوضح دان أن انسحاب بايدن من السباق الرئاسي يعطيه حرية أكبر في الضغط على نتنياهو، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي شعر بهذا الضغط والتغيير في المواقف من قبل هاريس وبايدن.
ويرى دان أن حديث هاريس -التي يتوقع أن تكون رئيسة للولايات المتحدة قريبًا- حمل تغييرًا كبيرًا في السردية الأميركية، مما يزيد من الضغط على نتنياهو، كما أنه يحمل مضامين تشير إلى أن أميركا لن تهرع للدفاع عن إسرائيل أمام المحاكم الدولية.
وأشار دان إلى أن هذا التغيير في لهجة الخطاب الأميركي تجاه إسرائيل من شأنه أن يعطي زخمًا أكبر لشرعية مطالب الشعب الفلسطيني، وأن على نتنياهو أن يتوقع عواقب صعبة إن لم يتجه نحو السلام.
وأوضح مصطفى أن زيارة نتنياهو إلى واشنطن لم ولن تؤثر على مسار التفاوض والصفقة المحتملة، مرجحًا أن يعود إلى تل أبيب صفر اليدين ليبدأ التباحث من جديد.
مستقبل المفاوضات
وأشار إلى أن نتنياهو لمّح في خطابه أمام الكونغرس إلى ما وصفه مصطفى بـ”صفقة استسلام حركة المقاومة الإسلامية (حماس)”، من خلال توقيع الحركة على اتفاق ينسجم مع جميع المصالح الإسرائيلية في هذه الحرب.
وبحسب مصطفى، فإن إستراتيجية نتنياهو تقوم على انتظار فوز المرشح الرئاسي دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية المقبلة، موضحًا أن الطرفين تجمعهما رؤية مشتركة تتعلق بتهميش القضية الفلسطينية، والتركيز على مشروعات التطبيع على حسابها.
وحول التطورات التي أعلنتها إسرائيل بشأن عدم مشاركة رئيس جهاز الشاباك رونين بار ومسؤول ملف الأسرى في الجيش بالمفاوضات، قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة إن هذه الخلافات كانت موجودة قبل سفر نتنياهو إلى واشنطن.
تحولات دولية
وأشار دان إلى أن لقاء نتنياهو مع ترامب يدخل في إطار سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى لقاء كافة القادة السياسيين خلال زيارته، رغم أنه يواجه أوقاتا صعبة حاليا خلال هذه الزيارة.
ويرى أن الإدارة الأميركية تحاول الضغط على حماس ولكنها تضغط بشكل أكبر على إسرائيل، ورغم العقبات الكثيرة التي تعترض المفاوضات، فإنه يرى أنه يجب في نهاية المطاف التوقيع على اتفاق بين الطرفين.
وأكد دان أن واشنطن ترفض أن يتم جرها إلى حرب كبرى مع إيران، مشددًا على أن الإدارة الأميركية ترى أنه من الضروري ألا تتجاوز الحرب الرقعة الجغرافية الحالية.