تجاهل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منذ أكثر من 48 ساعة، الرد على مقترح الوسطاء بشأن التهدئة في قطاع غزة، وأعلن مساء الأربعاء أنه وجّه بتسريع خطط احتلال مدينة غزة، في خطوة أثارت تحذيرات دولية من مخاطر كارثية قد تؤدي إلى تدمير شامل للقطاع، وزيادة معاناة الفلسطينيين وتهجيرهم.
وأشار مكتب نتنياهو، في تدوينة عبر منصة (إكس)، إلى أن رئيس الوزراء أمر بـ”تقليص الجداول الزمنية” الخاصة بخطط السيطرة على ما وصفها بـ”المعاقل الأخيرة لحماس”، مؤكداً تقديره للمقاتلين الاحتياطيين الذين جرى استدعاؤهم ولعائلاتهم، ولجنود الجيش الإسرائيلي المشاركين في العملية.
ويأتي ذلك عقب مصادقة وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على خطة عسكرية تحمل اسم “عربات جدعون 2″، تضمنت إصدار أوامر استدعاء لنحو 60 ألف جندي احتياط، وذلك في إطار التحضير لعملية شاملة تستهدف إعادة احتلال مدينة غزة. وكانت إسرائيل قد أطلقت في مايو الماضي عملية عسكرية مماثلة تحت اسم “عربات جدعون”، غير أن تقارير إسرائيلية أقرت بفشلها رغم إعلان الجيش أنه سيطر حينها على 75% من القطاع.
وتزداد المخاوف الدولية من توجه إسرائيل نحو خيار الحسم العسكري، لا سيما بعد تصريحات نتنياهو الأخيرة التي شبّه فيها غزة بمدينة درسدن الألمانية التي تعرضت لدمار واسع على يد الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، في إشارة إلى إمكانية تنفيذ قصف شامل يهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين.
ووفق صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، سيجتمع المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) الخميس للمصادقة النهائية على خطط الجيش لاحتلال غزة، في وقت تتواصل فيه اتصالات خلف الكواليس بشأن صفقة تبادل الأسرى. وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو يبدي ترددًا تجاه القبول بصفقة جزئية كانت حركة حماس قد وافقت عليها، خشية أن يصعب استئناف القتال بعد فترة وقف إطلاق النار المتوقعة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر حكومي إسرائيلي قوله إن نتنياهو يرى أن احتلال مدينة غزة قد يشكل ورقة ضغط كبيرة على حماس لإجبارها على القبول بصفقة شاملة وفق الشروط الإسرائيلية، والتي تتضمن نزع سلاح الحركة، ونفي قادتها، وإبعادها عن أي دور في الحكم المستقبلي للقطاع.
من جانبها، ذكرت القناة 14 العبرية أن الجيش الإسرائيلي بدأ بالفعل عمليات تمهيدية على أطراف مدينة غزة، لا سيما في حي الزيتون وجباليا شمال القطاع، مشيرة إلى أن الجيش سيعيد الفرقة 98 إلى الميدان، ليصل مجموع القوات المشاركة في العملية المرتقبة إلى خمس فرق عسكرية ضمن خطة “عربات جدعون 2”.
وفي ظل هذا التصعيد، يرى مراقبون أن اجتماع الكابينت قد يشكل لحظة فاصلة بين خيارين: إبرام صفقة تتيح الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين ووقف إطلاق النار، أو المضي في عملية عسكرية واسعة قد تدخل القطاع في مرحلة جديدة من الدمار والمعاناة الإنسانية.