أوضحت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” حكم تنويع الأخذ بالآراء من المذاهب الفقهية الأربعة، مؤكدة أن الأمر يختلف بين جانب العمل والتعلم.
فمن جهة العمل، بيّنت الدار أن التزام مذهب معين ليس واجبًا على العامي في كل واقعة، بل يجوز له أن يأخذ بقول أي مجتهد شاء، وهذا هو القول الصحيح؛ ولذلك اشتهر قول العلماء: “العامي لا مذهب له، بل مذهبه مذهب مفتيه”، أي المفتي المعروف بالعلم والعدالة.
ونقلت دار الإفتاء ما جاء في كتب الحنفية، حيث ذكر ابن عابدين في حاشيته عن الشرنبلالي قوله: “ليس على الإنسان التزامُ مذهب معين، وأنه يجوز له العمل بما يخالف ما عمله على مذهبه مقلدًا فيه غيرَ إمامه مستجمعًا شروطه، ويعمل بأمرين متضادين في حادثتين لا تعلق لواحدة منهما بالأخرى، وليس له إبطال عين ما فعله بتقليد إمام آخر؛ لأن إمضاء الفعل كإمضاء القاضي لا يُنقَض.”
كما استشهدت الدار بقول الإمام النووي في كتابه “روضة الطالبين وعمدة المفتين”: “والذي يقتضيه الدليل أنه لا يلزمه التمذهب بمذهب، بل يستفتي من شاء، أو من اتفق، لكن من غير تلقط للرخص.”
وأشارت دار الإفتاء إلى أن النص القرآني الكريم يؤكد هذا المعنى في قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُم لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، لافتة إلى أن المسلمين في عصر الصحابة والتابعين لم يكونوا ملتزمين بمذهب واحد، بل كانوا يسألون من تهيأ لهم من العلماء دون تقيد بواحد، ولم يُنكر عليهم أحد.
وأكدت أن اتباع العامي لأي من المجتهدين هو اتباع للحق، لأن جميع الأئمة الأربعة على صواب فيما اجتهدوا فيه، وليس على المقلد أن يظن أن اختياره لأحدهم يعني بطلان رأي الآخرين.
أما من جهة التعلم، شددت دار الإفتاء على أن التفقه في الدين لا يكون إلا عبر المذاهب الأربعة، نظرًا لما حظيت به من خدمة علمية واسعة، وتحرير للأصول والفروع، وضبط للراجح، مما يجعلها مدارس فقهية مستقلة، ولا غنى للمتعلم والدارس عن الانطلاق منها والبناء عليها.