وجّه وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستريوس، انتقادًا حادًا لتصريحات منسوبة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بشأن وجود “خطط دقيقة” لنشر قوات متعددة الجنسيات في أوكرانيا، باعتبارها جزءًا من ضمانات أمنية مستقبلية لما بعد الحرب.
وقال بيستريوس، خلال زيارته لمصنع أسلحة قرب مدينة كولونيا، الاثنين، إن الحديث العلني عن مثل هذه القضايا “خاطئ تمامًا”، خصوصًا قبل انطلاق أي مفاوضات محتملة بين كييف وموسكو.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي لا يمتلك تفويضًا أو صلاحيات لنشر قوات عسكرية على هذا النحو، موضحًا في الوقت ذاته أن نقاشات داخلية تُجرى بالفعل حول السيناريوهات الممكنة، والظروف التي قد تجعل مثل هذه الخطوات قابلة للتنفيذ.
تصريحات الوزير الألماني جاءت ردًا على مقابلة لفون دير لاين مع صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أشارت فيها إلى أن العواصم الأوروبية تعمل على وضع خطط “تفصيلية للغاية” لنشر قوات عسكرية في أوكرانيا بعد انتهاء الحرب، مؤكدة أن هذه الخطط ستعتمد بشكل كبير على دعم القدرات الأمريكية.
ويعكس هذا التباين في المواقف وجود انقسامات واضحة داخل الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية التعاطي مع الملف الأوكراني في مرحلة ما بعد النزاع. ففي حين ترى بعض الدول ضرورة تعزيز الردع عبر وجود عسكري أوروبي مباشر، تدعو برلين إلى مقاربة أكثر حذرًا تراعي التوازنات الدولية وتتفادى التصعيد مع موسكو.
ويرى محللون أن النقاش الدائر يكشف عن معضلة استراتيجية تواجه أوروبا: هل تمضي في بناء مظلة أمنية مستقلة لأوكرانيا أم تواصل الاعتماد على المظلة الأمريكية عبر الناتو؟ … فيما يؤكد خبراء أن هذا الجدل لا يقتصر على مستقبل أوكرانيا فحسب، بل يمتد ليشمل دور أوروبا في منظومة الأمن العالمي وقدرتها على لعب دور مستقل عن واشنطن.
ومن المتوقع أن يتواصل الجدل داخل أروقة الاتحاد الأوروبي في الأسابيع المقبلة، خصوصًا مع اقتراب قمم أمنية أوروبية وأطلسية قد تحدد ملامح الاستراتيجية الغربية تجاه أوكرانيا بعد الحرب.
ويرجح مراقبون أن برلين ستسعى إلى تهدئة النقاش عبر الدفع نحو حلول وسط، تُبقي الباب مفتوحًا أمام دعم كييف دون الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع روسيا.