من على ارتفاع نحو 600 متر فوق سطح البحر، رصدت عدسة “الجارديان” البريطانية مشاهد جوية صادمة لقطاع غزة، وصفها مراسل الصحيفة لورنزو توندو بأنها “أشبه بأنقاض حضارة قديمة اكتشفت بعد قرون من الزوال”، لكنها في الواقع بقايا مدينة حية تم تدميرها بالكامل خلال عدوان إسرائيلي مستمر منذ أكتوبر 2023.
المشهد من السماء يرسم لوحة مروعة: أحياء سكنية مسواة بالأرض، طرق محفرة بالحفر، وبنايات تحولت إلى ركام. لا أثر للحياة إلا بقعة صغيرة من الناس، بالكاد ترى عبر عدسة 400 ملم، وسط ما يشبه أرضًا منكوبة أو مسرحًا لنهاية العالم.
في ظل هذا الخراب، صعد فريق “الجارديان” على متن طائرة عسكرية أردنية ضمن عملية إسقاط مساعدات إنسانية نادرة فوق القطاع. إسرائيل كانت قد أعلنت استئناف التنسيق لعمليات الإسقاط الجوي بعد ضغط دولي متزايد جراء تدهور الأوضاع المعيشية، وسط تقارير عن مجاعة بدأت تضرب السكان، وندرة في الغذاء والدواء.

ووفق بيان الجيش الأردني، فإن العملية التي شاركت فيها “الجارديان” كانت الإسقاط الـ140 منذ 27 يوليو، ضمن جهود تضمنت نحو 293 عملية بالتنسيق مع دول أخرى، بإجمالي 325 طنًا من المساعدات.
إلا أن منظمات إنسانية حذرت من أن هذه الكمية لا تفي بالحاجة، مشيرة إلى أن عمليات الإسقاط رغم رمزيتها، تظل غير فعالة مقارنة بإيصال المساعدات عبر الطرق البرية، بل وقد تكون قاتلة، حيث غرق 12 شخصًا العام الماضي أثناء محاولتهم انتشال طرود سقطت في البحر، وتوفي خمسة آخرون دهسًا تحت الألواح.

من الجو، ظهرت مشاهد من شمال غزة، ومدينة غزة، ومخيم النصيرات، ودير البلح، ورفح، وجميعها بدت وكأنها “صحراء من الحطام والغبار والمقابر”، بحسب الوصف الصحفي.
في دير البلح، كان منزل الطفلة المؤثرة يقين حماد، 11 عامًا، قد دمر في مايو الماضي بينما كانت تسقي الزرع قرب خيمتها، ففقدت حياتها إثر غارة جوية إسرائيلية.
وفي خان يونس، ظهر الموقع الذي قصفت فيه الطبيبة الفلسطينية علا النجار، حيث فقدت زوجها وتسعة من أطفالها العشرة في قصف منزلها بينما كانت تؤدي واجبها في مستشفى التحرير.