الصناعة تقود التغيير.. مصر تتحول إلى مركز إقليمي للإنتاج والتصدير
خريطة تنموية جديدة تعيد توزيع الاستثمار الصناعي على مستوى الجمهورية
عمرو فتوح: خريطة الصناعة الحالية هي الأفضل منذ عقود.. والقطاع الخاص شريك رئيسي
خالد أبو المكارم: المصانع المتعثرة كنز مهدور.. والتصدير هو الحل
تسعى الدولة المصرية بخطى متسارعة نحو بناء اقتصاد إنتاجي مستدام قائم على التصنيع المحلي وتعزيز القيمة المضافة، من خلال خريطة صناعية متكاملة تغطي مختلف المحافظات وتراعي التوازن الجغرافي والعدالة في توزيع فرص التنمية. يأتي ذلك في إطار تنفيذ رؤية مصر 2030 التي ترتكز على تنمية قطاع الصناعة كقاطرة للنمو وخلق فرص عمل مستدامة وتحقيق طفرة في معدلات التصدير والاعتماد على الذات في تلبية الاحتياجات المحلية.
وقد اتخذت الحكومة عدة خطوات جادة على هذا الصعيد، بدأت بحصر المناطق الصناعية القائمة وتطوير بنيتها التحتية، وإنشاء مجمعات صناعية جاهزة تستهدف الصناعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تبسيط الإجراءات المتعلقة بتراخيص البناء والتشغيل، وتحفيز القطاع الخاص على ضخ استثمارات جديدة من خلال الحوافز والمزايا التنافسية.
وقال عمرو فتوح، نائب رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن خريطة الصناعة التي تنفذها الدولة تمثل نقلة نوعية في مسار التنمية الصناعية، مؤكدًا أن توفير وحدات جاهزة وتسهيل التراخيص ساهم بشكل مباشر في تقليل زمن إطلاق المشروعات الصناعية، وزيادة معدلات التشغيل، خاصة في محافظات الصعيد والدلتا. وأكد أن القطاع الخاص بدأ بالفعل في استثمار هذه البيئة المشجعة من خلال توسيع خطوط الإنتاج ودخول مجالات جديدة.
ووفقًا لبيانات هيئة التنمية الصناعية، يبلغ عدد المناطق الصناعية المعتمدة في مصر أكثر من 147 منطقة، موزعة بين مناطق قائمة وأخرى في طور الإنشاء أو التطوير، فضلًا عن 17 مجمعًا صناعيًا لدعم المشروعات الصغيرة، أنجزت أغلبها خلال الأعوام الخمسة الماضية. وتتميز هذه المجمعات بتوفير وحدات جاهزة بمساحات متنوعة ومزودة بكافة المرافق، مما يسهم في تخفيض تكاليف الإنشاء وتيسير بدء الإنتاج.
وأضاف فتوح فى تصريحات خاصة ل “صدى البلد” أن دمج التكنولوجيا في قطاع الصناعة من خلال التحول الرقمي والخدمات الإلكترونية أسهم في رفع كفاءة التشغيل وسرعة اتخاذ القرار، مشيرًا إلى أن المنصات الرقمية التي أطلقتها الحكومة أتاحت للمستثمرين رؤية أوضح للفرص الصناعية المتاحة ووفرت قدرًا من الشفافية لم يكن متاحًا من قبل.
في الوقت نفسه، تُبذل جهود حثيثة لحل أزمة المصانع المتعثرة، إذ تشير التقديرات إلى وجود ما بين 1200 و1350 مصنعًا متوقفًا عن الإنتاج لأسباب متنوعة. وقد أطلقت وزارة التجارة والصناعة مبادرة لإعادة تشغيل هذه المصانع بالتعاون مع البنك المركزي وعدة جهات تمويلية وتنموية، تتضمن تقديم قروض ميسرة، وجدولة الديون، والتدخل الفني لتحديث خطوط الإنتاج.
وأكد خالد أبو المكارم، رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية، أن تشغيل المصانع المتعثرة لا يمثل فقط استعادة لطاقة إنتاجية مهدرة، بل هو فرصة حقيقية لزيادة الصادرات وتعميق التصنيع المحلي.
وقال ابو المكارم فى تصريحات خاصة ل “ صدى البلد” إن القطاع الكيماوي تحديدًا يمتلك فرصًا كبيرة للتوسع في الأسواق الخارجية، لكن يحتاج إلى دعم مستمر من حيث التمويل الميسر والربط مع سلاسل التوريد العالمية.
وأشار أبو المكارم إلى أهمية توفير المواد الخام بأسعار مناسبة، وتحسين الخدمات اللوجستية في المناطق الصناعية، خاصة تلك المرتبطة بالتصدير مثل بورسعيد والسخنة، منوهًا بأن خريطة الصناعة يجب أن تأخذ في الحسبان البنية التحتية اللازمة لدعم التصدير، بدءًا من الطرق والموانئ، ووصولًا إلى تسهيل إجراءات الجمارك والتخليص.
وتظل خريطة مصر الصناعية عنوانًا لطموح دولة تسعى إلى مستقبل قائم على الإنتاج والمعرفة والتنافسية، مدعومة بشراكة حقيقية بين الدولة والقطاع الخاص، وتكامل في الرؤية بين الجهات المعنية بالصناعة والاستثمار والتصدير.