النوم ليس مجرد استراحة مؤقتة من مشاغل الحياة اليومية، بل هو حاجة أساسية لا تقل أهمية عن الطعام والماء. فهو عملية حيوية تمنح الجسم والعقل فرصة لإعادة الشحن واستعادة التوازن. غير أن مقدار النوم اللازم يختلف من شخص لآخر تبعًا للعمر والحالة الصحية وحتى المرحلة الحياتية.
كم ساعة نحتاج للنوم؟
تشير الدراسات إلى أن الرضع يحتاجون بين 14 و17 ساعة يوميًا، بينما يحتاج الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة إلى ما بين 10 و13 ساعة. ومع التقدم في العمر، تنخفض هذه الحاجة تدريجيًا؛ فالمراهقون يكتفون بـ8–10 ساعات، والبالغون بـ7–9 ساعات، أما كبار السن (65 عامًا فأكثر) فيكفيهم نحو 7–8 ساعات.
النساء الحوامل، خصوصًا في الأشهر الأولى، يحتجن غالبًا إلى ساعات إضافية لدعم التغيرات الجسدية والهرمونية.
الكمية وحدها لا تكفي
لا يكفي حساب الساعات فقط لمعرفة جودة النوم، إذ إن الشعور بالنعاس أثناء النهار حتى في الأنشطة الهادئة مثل مشاهدة التلفاز أو القيادة، يعد مؤشرًا على “ديون النوم”. هذا المصطلح يصف العجز المتراكم من قلة النوم، والذي يطالب الجسم بتعويضه لاحقًا، مما يؤثر على التركيز وصحة الدماغ.
مراحل النوم.. من الإصلاح إلى الأحلام
النوم ينقسم إلى مراحل أساسية، أبرزها:
النوم العميق: حيث يقوم الجسم بإصلاح الأنسجة، وتعزيز النمو، وتقوية المناعة.
مرحلة حركة العين السريعة (REM): تبدأ بعد نحو 90 دقيقة من النوم، وخلالها تنشط الدماغ وتحدث الأحلام. هذه المرحلة ضرورية لترسيخ المعلومات في الذاكرة ودعم عملية التعلم.
علامات قلة النوم
الحرمان من النوم لا يظهر فقط على هيئة تعب، بل قد يتجلى في الاعتماد المستمر على المنبه، صعوبة الاستيقاظ، ضعف التركيز والنسيان، إضافة إلى التقلبات المزاجية. ومع استمرار قلة النوم، تزداد المخاطر لتشمل: ضعف الذاكرة، الاكتئاب، انخفاض المناعة، زيادة الوزن، وارتفاع احتمالات الإصابة بالسكري وأمراض القلب. كما يمكن أن تظهر آثار خارجية مثل التجاعيد والهالات السوداء.
مخاطر تمتد إلى الطرقات
تُظهر الدراسات أن النعاس أثناء القيادة لا يقل خطورة عن القيادة تحت تأثير الكحول، إذ يُسجل سنويًا مئات الآلاف من الحوادث بسبب غفوة السائقين. النعاس الشديد قد يكون آخر إنذار قبل الدخول في نوم مفاجئ على الطريق.
كيف نحصل على نوم صحي؟
لتحقيق نوم أفضل، ينصح الخبراء بالالتزام بروتين ثابت لمواعيد النوم والاستيقاظ، وتجهيز غرفة نوم هادئة ومظلمة وخالية من الشاشات الإلكترونية. كما يُستحسن تجنب الكافيين والوجبات الثقيلة قبل النوم، وممارسة الرياضة في وقت أبكر لا يقل عن خمس ساعات قبل النوم. وإذا دعت الحاجة، يمكن أخذ قيلولة قصيرة لا تتجاوز 30 دقيقة.
النوم ليس ترفًا يمكن الاستغناء عنه، بل أساس لصحة الجسد والعقل. تجاهل الحاجة للنوم أو التقليل من أهميته قد يؤدي إلى آثار خطيرة تتجاوز التعب لتصل إلى أمراض مزمنة وحوادث قاتلة. لذا، فإن الاهتمام بجودة النوم واللجوء إلى الطبيب عند استمرار الاضطرابات، يمثلان خطوة ضرورية لحياة أكثر توازنًا وصحة.