في ظل اشتعال أجواء الصراع بين موسكو وكييف، وتبدل موازين القوى على وقع التطورات الميدانية والسياسية المتلاحقة، تعيش الساحة الدولية حالة من القلق والترقب لما ستؤول إليه الأزمة الأوكرانية.
فمع تصاعد الهجمات المتبادلة بالطائرات المسيرة وتزايد الاستهدافات داخل العمق الروسي، تتزايد المخاوف من انزلاق الأوضاع نحو مواجهة أوسع.
في وقت تسعى فيه القوى الكبرى إلى تثبيت مواقعها عبر لغة التحذير والردع، بين إصرار روسي على تحقيق الأهداف الميدانية وتمسك غربي بدعم كييف عسكريًا وسياسيًا حتى النهاية.
هاني سليمان: التصعيد الأوكراني بالمسيرات خطوة غير محسوبة تهدف للضغط على موسكو.. وروسيا ترد برسائل نووية تؤكد تفوقها الإستراتيجي
أكد هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، أن التصعيد الأخير باستخدام الطائرات المسيرة من الجانب الأوكراني ضد روسيا يمثل تحركًا خطيرًا يعكس مرحلة جديدة من التوتر في الحرب المستمرة بين الطرفين، مشيرًا إلى أن هذا التصعيد يأتي في إطار ضغط أوروبي منسق لدفع موسكو إلى تنازلات سياسية أو ميدانية.
وقال سليمان في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد إن الهجوم المكثف بالمسيرات يعد امتدادًا لموجة من التحركات الأوروبية التي شملت طرح فكرة تجميد الأصول الروسية واستخدامها في تمويل الحرب الأوكرانية، إلا أن فشل الاتحاد الأوروبي في التوصل لصيغة توافقية حول هذه المسألة يعد في حد ذاته انتصارًا دبلوماسيًا لموسكو.
وأضاف أن هناك تعويلاً أوروبيًا وأمريكيًا على تسليح أوكرانيا بصواريخ “توماهوك” التي يمكن أن تطال العمق الروسي، إلا أن القرار بشأن استخدامها لم يتخذ بعد.
وأوضح أن روسيا من جانبها استبقت أي تطورات عسكرية محتملة بإطلاق عمليات موسعة تهدف إلى تعزيز سيطرتها على مناطق جديدة داخل إقليم دونباس، في محاولة لاستخدامها كمنطقة عازلة ورسالة تحذيرية للدول الأوروبية.
وأشار سليمان إلى أن إعلان موسكو عن اختبار صاروخ “بوروفستينك” النووي، الذي يتمتع بقدرات عالية في التحليق لمسافات طويلة باستخدام الطاقة النووية، يعد رسالة استراتيجية مباشرة إلى الغرب بأن روسيا قادرة على استهداف أي موقع في أي وقت، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل تصعيدًا مدروسًا.
وأضاف أن هجمات المسيرات الأوكرانية الأخيرة على مطارات داخل موسكو تعكس رغبة كييف في إثبات حضورها في ساحة المعركة ومحاولة تكبيد روسيا خسائر مادية ومعنوية، كما حدث في الهجمات السابقة على القواعد الجوية الروسية.
لكنه شدد على أن هذه العمليات تمثل تصعيدًا غير محسوب العواقب، من شأنه أن يعقد المشهد السياسي ويقوض فرص الحلول الدبلوماسية التي تسعى إليها واشنطن.
وختم سليمان تصريحاته بالتأكيد على أن الدول الأوروبية تدفع أوكرانيا نحو التصعيد الميداني بهدف منع أي تسوية سياسية قد تكسب موسكو نفوذًا مجانيًا، معتبرًا أن هذا السلوك يأتي أيضًا كمحاولة لإحراج الإدارة الأمريكية، وتعطيل أي جهود للتفاهم أو التهدئة في ظل التغيرات المتوقعة في الموقف الأمريكي مع اقتراب الانتخابات.










