كشفت القناة الإسرائيلية الثانية عشرة، نقلاً عن مصادر سياسية رفيعة المستوى في تل أبيب، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبلغ الإدارة الأمريكية بأن إسرائيل ترى في السيطرة الكاملة على قطاع غزة خياراً مطروحاً على الطاولة، في حال تعثر أو فشل المفاوضات الجارية بشأن مستقبل القطاع وملف التهدئة.
وبحسب ما أوردته القناة مساء الخميس، فقد جاء هذا الموقف خلال مشاورات رفيعة المستوى بين نتنياهو ومسؤولين أمريكيين، حيث أكد الأخير أن إسرائيل “لن تقبل باستمرار حالة الجمود أو بقاء التهديدات الأمنية الصادرة من غزة”، وأنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق يضمن مصالحها الأمنية، فإن الجيش الإسرائيلي سيكون مضطراً للتدخل المباشر وفرض سيطرته على القطاع.
مخاوف من التصعيد
وأشارت القناة إلى أن الإدارة الأمريكية، التي تتابع باهتمام بالغ مسار المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة “حماس” بوساطة إقليمية ودولية، عبّرت عن قلقها من نبرة التهديد الإسرائيلية، معتبرة أن أي عملية عسكرية واسعة في غزة قد تشعل مواجهة مفتوحة يصعب التحكم بمساراتها، وتزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية في القطاع.
ورغم ذلك، أكدت المصادر أن واشنطن لم ترفض بشكل قاطع تصريحات نتنياهو، لكنها شددت على ضرورة استنفاد المسار الدبلوماسي حتى نهايته، مع السعي لإيجاد صيغة وسط تضمن التهدئة وتعالج القضايا الجوهرية، وفي مقدمتها إعادة الإعمار وضمان الأمن على الحدود.
ضغوط سياسية
يأتي تصريح نتنياهو في ظل أجواء سياسية داخلية مشحونة، حيث يواجه ضغوطاً متزايدة من شركائه في الائتلاف الحاكم، لاسيما من وزراء اليمين المتشدد الذين يدفعون باتجاه حسم عسكري سريع في غزة، معتبرين أن أي تسوية سياسية ستكون بمثابة “هدية مجانية” لحركة حماس.
في المقابل، حذّر قادة عسكريون إسرائيليون سابقون من مغبة التورط في عملية واسعة للسيطرة على غزة، مشيرين إلى أن تكلفتها العسكرية والبشرية ستكون باهظة، فضلاً عن التبعات السياسية والأمنية طويلة المدى، حيث ستتحمل إسرائيل مسؤولية مباشرة عن أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع.
السيناريوهات المطروحة
وبحسب تقديرات المراقبين، فإن أمام الحكومة الإسرائيلية ثلاثة مسارات رئيسية:
استمرار المفاوضات للوصول إلى تفاهمات تضمن تهدئة طويلة الأمد، وتوسيع العمليات العسكرية المحدودة للضغط على حماس وتحسين شروط التفاوض.
ويعد الخيار الأقصى والمتمثل بالسيطرة الكاملة على القطاع، وهو السيناريو الذي طرحه نتنياهو في اتصالاته مع واشنطن.
ويرى محللون أن التلويح بالخيار العسكري يهدف بالدرجة الأولى إلى تعزيز موقع إسرائيل التفاوضي، وإيصال رسالة بأن صبرها بدأ ينفد، غير أن احتمالية تنفيذ هذا التهديد تبقى مرتبطة بتطورات الميدان وبمستوى الدعم أو المعارضة الدولية.
تداعيات إقليمية
وأكدت القناة أن أي تحرك عسكري واسع في غزة قد يفتح جبهة مواجهة مع أطراف إقليمية أخرى، ويزيد من حالة الاحتقان في الضفة الغربية والقدس، ما يضع إسرائيل أمام تحديات مركبة تتجاوز حدود القطاع.
وبينما تتواصل المساعي الدولية لتجنب الانزلاق نحو مواجهة شاملة، يبقى الموقف الإسرائيلي محكوماً بالتوازن بين ضغوط الداخل ومطالب الحلفاء، في وقت ينتظر فيه الفلسطينيون في غزة مصيراً غامضاً قد يقرر مستقبلهم السياسي والإنساني على حد سواء.