تعد مشكلة التقطيع في الصلاة من أكثر المشكلات التي تؤرق كثيرًا من المسلمين، فهي لا تتعلق فقط بتقصير في أداء ركن عظيم من أركان الإسلام، بل تعكس أيضًا حالة من الصراع الداخلي، ويقظة الضمير، وإحساس المرء بالتقصير أمام الله.
والسعي إلى علاج هذه المشكلة لا يُعتبر أمرًا سطحيًا، بل هو دليل على وجود نية صادقة للإصلاح، وعزيمة خفية تدفع صاحبها نحو طريق الثبات والمواظبة.
دار الإفتاء المصرية تلقت عبر صفحتها الرسمية سؤالًا من إحدى المتابعين قالت فيه: “أعاني من التقطيع في الصلاة، أحيانًا ألتزم بها، وأحيانًا أتركها تمامًا، فما الحل؟”، وجاء رد الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى، واضحًا ومباشرًا، حيث دعا السائل إلى ضرورة استحضار رهبة الوقوف بين يدي الله، مشددًا على أن ترك الصلاة من الكبائر، وأن الاستخفاف بها أمر في غاية الخطورة.
وأضاف أن الطريق لمحبة الصلاة يبدأ من القلب، موضحًا أن المشكلة الأساسية ليست في الترك الظاهري فقط، بل في أن كثيرًا من الناس يتعاملون مع الصلاة كأنها مجرد واجب روتيني أو عبء ثقيل، وليس كعبادة عظيمة تُدخل السكينة على النفس.
وأكد أن الإنسان إذا شعر بحلاوة العبادة لن يتخلى عنها أبدًا، مستشهدًا بكلام الإمام أبو يزيد البسطامي حين قال: “إنكم عبدتم العبادة، ولو عبدتم الله لوجدتم لذة العبادة”.
من جهته، أوضح مجمع البحوث الإسلامية فضل الصلاة في أول وقتها، مؤكدًا أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بها، وذكر أنها من أفضل الأعمال عند الله، واستشهدوا بما جاء في سنن الترمذي من أن النبي صلى الله عليه وسلم، حين سُئِل عن أفضل الأعمال، أجاب قائلاً: “الصلاة لأول وقتها”.
ولمن يبحث عن وسائل عملية للمداومة على الصلاة، فإن هناك خطوات واضحة يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا، أولها أداء الصلاة في وقتها دون تأجيل، فمجرّد سماع الأذان يجب أن يكون إشارة للتأهب والتلبية الفورية، لأن التأخير قد يؤدي إلى النسيان أو الكسل.
كما أن شعور الراحة النفسية بعد أداء الصلاة هو شعور فطري يجب على المسلم أن يعمّقه داخله، إذ إنّ أداء الفريضة يمنح الإنسان طمأنينة لا توصف، وكلما شعر بغياب هذه الطمأنينة، فعليه أن يدرك أنه تأخر عن الصلاة، ويعود إليها على الفور ليستعيد هذا الأمان الروحي.
ومن الوسائل المهمة أيضًا، متابعة البرامج الدينية والوعظية التي تتناول الصلاة، وفضلها، وخطورة تركها، فهي تعين على تثبيت المعاني الإيمانية، وتعزيز الارتباط بالصلاة كركن لا يمكن الاستغناء عنه.
كما يلعب الأهل دورًا محوريًا في ترسيخ هذه العادة منذ الصغر، فالنشأة على الصلاة تُنتج جيلاً لا يعرف التهاون في أداء الفريضة، بل يصبح هو نفسه مذكرًا وداعمًا لوالديه ومن حوله.
أما الصحبة، فهي عامل حاسم لا ينبغي تجاهله، فالأصدقاء الصالحون يذكرونك بالصلاة ويعينونك عليها، بينما قد تكون الصحبة السيئة سببًا في التهاون أو النسيان أو الاستهزاء بالمحافظة على الصلاة، ولهذا فإن مراجعة دوائر العلاقات ضرورة لا تقل أهمية عن أي وسيلة أخرى في طريق الثبات على الطاعة.