شهد دور العرض المصرية مؤخرًا إطلاق فيلم “السلم والثعبان.. لعب عيال”، الذي أثار جدلاً واسعًا بسبب تناوله قضايا العلاقات الزوجية والمسؤولية بطريقة يراها البعض سطحية ومكررة. الفيلم، من تأليف وإخراج طارق العريان، يعود إلى فكرة مشابهة قدمها العريان قبل ربع قرن، ولكنه هذه المرة يركز على جيل جديد من الشخصيات التي تعاني من نفس المشكلات: عدم النضج العاطفي والهروب من الالتزام. تساؤلات حول مدى تمثيل هذا العمل للواقع المعاصر وتقديم رؤية جديدة لهذه النوعية من القصص تظل قائمة.
ربع قرن من “لعب عيال” في السينما المصرية
يعود الفيلم إلى عام 2001 مع فيلم “السلم والثعبان” الذي قدم حازم، رجلًا غير ناضج يعاني من إدمان الخمر والسهر، ويجد صعوبة في تحمل مسؤولية الزواج والأبوة. الفيلم الجديد يستلهم هذا النمط، ولكن مع التركيز على أحمد (عمرو يوسف)، المهندس المعماري الناجح الذي يجد نفسه غير قادر على التكيف مع روتين الحياة الزوجية بعد عشر سنوات من الزواج، ويسعى إلى استعادة “إثارة” الماضي. الفيلم يطرح تساؤلات حول الأسباب التي تدفع المخرج إلى إعادة تقديم هذه الشخصية النمطية بعد هذا المد الطويل.
الفيلم يسلط الضوء على حالة من الملل والسعي الدائم للإثارة، الأمر الذي يؤدي إلى سلسلة من القرارات المتهورة والخيانة العاطفية. أحمد يتنقل بين الرغبة في استعادة علاقته بزوجته ملك (أسماء جلال) والعودة إلى نمط حياته السابق المليء بالمغامرات والفتيات. هذا التردد يخلق ديناميكية درامية، ولكنها قد تبدو مكررة بالنسبة للجمهور الذي شاهد أعمالاً مشابهة من قبل. أحد الفيلم الرئيسي هو استكشاف دوافع هذا السلوك وعواقبه على جميع الأطراف المعنية.
الصور النمطية وتأثيرها على القصة
يعتمد الفيلم على تقديم صور نمطية للشخصيات، حيث يمثل أحمد نموذج الذكر الذي يخشى الارتباط والمسؤولية، بينما تجسد ملك صورة الزوجة المخلصة والمثالية التي تسعى إلى استقرار الأسرة. هذه النمطية قد تقلل من عمق القصة وتجعلها تبدو غير واقعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التركيز المفرط على حياة الرفاهية والظاهر قد يصرف الانتباه عن المشكلات الحقيقية التي يعاني منها الزوجان.
الفيلم يقدم أيضًا تصويرًا سلبيًا للمرأة، حيث يتم التركيز على الجاذبية الجسدية والشكل الخارجي، بينما يتم تجاهل الجوانب الأخرى من شخصيتها وقدراتها. هذا التصوير يعزز الصور النمطية القديمة ويقلل من احترام المرأة كشخص كامل. العلاقات الزوجية في الفيلم تتمحور حول رغبات أحمد وتخيلاته، مما يهمش دور ملك في تحديد مسار القصة.
نظرة على السياق الاجتماعي والثقافي
فيلم “السلم والثعبان.. لعب عيال” يعكس بعض التغيرات الاجتماعية والثقافية التي شهدتها مصر على مدى السنوات الماضية. هناك زيادة في الوعي بقضايا العلاقات الزوجية والطلاق، ولكن في الوقت نفسه هناك تمسك بالقيم التقليدية والأعراف الاجتماعية. الفيلم يحاول أن يعالج هذه التناقضات، ولكنه قد يفشل في تقديم رؤية متوازنة وموضوعية. السينما المصرية غالبًا ما تكون مرآة تعكس هذه التغيرات، ولكنها في بعض الأحيان تكون بطيئة في التكيف معها.
انتقادات الفيلم تتعلق أيضًا بتجاهله للقضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على الحياة الزوجية. فمشاكل مثل الفقر والبطالة والضغوط النفسية لا تظهر في الفيلم، مما يجعله يبدو منفصلاً عن الواقع. التركيز على حياة الأثرياء والطبقة العليا يحد من قدرة الفيلم على التواصل مع شريحة واسعة من الجمهور.
جدل حول تصوير الحياة الليلية
أثار الفيلم جدلاً واسعاً بسبب تصويره للحياة الليلية الصاخبة والمليئة بالخمر والفتيات. هذا التصوير قد يعتبر مسيئًا للقيم الأخلاقية والاجتماعية، خاصةً من قبل بعض المحافظين. ومع ذلك، يرى البعض الآخر أن الفيلم يعكس ببساطة الواقع الذي يعيشه بعض الشباب في مصر، وأن انتقاده يعتبر نوعًا من النفاق الاجتماعي. هذا الجدل حول الأفلام المصرية وتصويرها للواقع يوضح الانقسامات الثقافية في المجتمع.
مستقبل الإنتاج السينمائي المشابه
من المرجح أن يتسبب نجاح أو فشل فيلم “السلم والثعبان.. لعب عيال” في توجهات مستقبلية للإنتاج السينمائي المصري. إذا حقق الفيلم نجاحًا تجاريًا كبيرًا، فمن المحتمل أن نشهد المزيد من الأفلام التي تتناول قضايا مماثلة بنفس الطريقة. ومع ذلك، إذا فشل الفيلم في جذب الجمهور، فقد يدفع ذلك المنتجين والمخرجين إلى البحث عن أفكار جديدة وأكثر أصالة. الجمهور المصري هو الحكم النهائي على نجاح أو فشل أي عمل سينمائي.
في الختام، يبقى فيلم “السلم والثعبان.. لعب عيال” محط أنظار النقاد والجمهور على حد سواء. الفيلم يثير تساؤلات مهمة حول العلاقات الزوجية والمسؤولية والقيم الاجتماعية، ولكن في الوقت نفسه يعاني من بعض العيوب الفنية والنمطية. مستقبل هذا النوع من الأفلام يعتمد على قدرته على التطور وتقديم رؤى جديدة ومختلفة للجمهور.










