سجلت شركة إيلي ليلي أند كو (Eli Lilly & Co)، عملاق صناعة الأدوية، إنجازًا تاريخيًا بتجاوز قيمتها السوقية تريليون دولار أمريكي. يأتي هذا الإنجاز مدفوعًا بشكل رئيسي بالرهانات المتزايدة من المستثمرين على أدوية إنقاص الوزن الجديدة التي طورتها الشركة، والتي أظهرت نتائج واعدة في السوق. ويُعد هذا الصعود علامة فارقة في قطاع الرعاية الصحية.
ارتفع سعر سهم إيلي ليلي بنسبة تصل إلى 1.7% في تعاملات اليوم، مما رفع القيمة السوقية للشركة إلى ما يقارب تريليون دولار، وفقًا لبيانات جمعتها وكالة بلومبرغ. وبذلك، أصبحت إيلي ليلي أول شركة أدوية تحقق هذا الإنجاز، وثاني شركة أمريكية خارج قطاع التكنولوجيا تصل إلى هذه القيمة.
تقييم أسهم شركة إيلي ليلي وأدوية إنقاص الوزن
يمثل هذا الإنجاز محطة مهمة لإيلي ليلي، التي تصدرت قائمة أكبر شركات الرعاية الصحية في العالم من حيث القيمة السوقية خلال عام 2023. ويعزى هذا التقدم بشكل كبير إلى الاهتمام المتزايد بأدوية فئة “جي إل بي – 1 إس” (GLP-1s)، والتي تستخدم لعلاج السمنة والسكري على حد سواء.
وتتوقع الأبحاث أن سوق أدوية إنقاص الوزن سيصل إلى قيمة تقدر بـ 95 مليار دولار بحلول عام 2030، مما يعزز من جاذبية أسهم إيلي ليلي. وقد أشار جارد هولتس، إستراتيجي لدى ميزوهو سيكيوريتيز يو إس إيه، إلى أن وصول الشركة إلى تريليون دولار يجعلها أكبر بمرتين من ثاني أكبر شركة في قطاع الرعاية الصحية، وهو وضع استثنائي.
تحديات واجهت الشركة
على الرغم من هذا النجاح، واجهت إيلي ليلي بعض التحديات هذا العام، بما في ذلك التهديدات بفرض رسوم جمركية مرتفعة، وتصاعد الجدل حول تكاليف الأدوية الموصوفة، بالإضافة إلى بعض الانتكاسات في تطوير أدوية علاج السمنة. في مايو الماضي، شهد سهم الشركة تراجعًا بعد قرار شركة CVS Health بإزالة دواء “زيبباوند” من قائمتها المفضلة.
ومع ذلك، استعاد السهم زخمه بفضل نتائج الربع الثالث التي تجاوزت التوقعات، ورفع الشركة لتوقعاتها المستقبلية، بالإضافة إلى اتفاقية مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. هذه العوامل ساهمت في دفع السهم إلى مستويات قياسية جديدة.
أداء سهم إيلي ليلي
ارتفع سهم إيلي ليلي بنسبة 37% منذ بداية العام الحالي، بعد زيادة بلغت 32% في العام الماضي. ويعزو المستثمرون هذا الأداء القوي إلى قدرة الشركة على ترسيخ مكانتها كأحد المستفيدين الرئيسيين من السباق المتزايد في مجال علاج السمنة، وذلك بفضل سلسلة أدوية إنقاص الوزن ذات المبيعات القياسية.
الطلب القوي على أدوية إنقاص الوزن
يعود الفضل في هذا النجاح إلى الطلب القوي على الأدوية التي تساعد الأشخاص على التخلص من الوزن الزائد. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت جهود إيلي ليلي في زيادة الإنتاج وتوسيع نطاق الأدوية قيد التطوير في تمكين الشركة من التفوق على منافستها الدنماركية، نوفو نورديسك، في سوق أدوية السمنة.
أظهرت دراسة مقارسة مباشرة في مايو الماضي أن دواء “زيبباوند” من إيلي ليلي ساعد المرضى على خفض دهون البطن بنسبة أكبر مقارنة بدواء “ويغوفي” من نوفو نورديسك. كما أظهرت التجارب السريرية أن حبوب إيلي ليلي التجريبية لعلاج السمنة كانت فعالة في إنقاص الوزن والسيطرة على مستويات السكر في الدم، وبنفس فعالية دواء “أوزمبيك”.
في المقابل، تجاوزت مبيعات “زيبباوند” توقعات وول ستريت، بينما اضطرت نوفو نورديسك إلى خفض توقعاتها السنوية أربع مرات بسبب تباطؤ المبيعات.
هيمنة إيلي ليلي في السوق
وفقًا لنتائج إيلي ليلي الفصلية الأخيرة، تستحوذ أدوية “جي إل بي-1” التي تنتجها على حوالي 58% من هذا السوق، والذي يشمل أيضًا “أوزمبيك” و”ويغوفي” من إنتاج نوفو نورديسك. وأشار هولتس إلى أن دخول إيلي ليلي وانتزاعها ما يقارب ثلثي الحصة السوقية الجديدة خلال عامين فقط يعتبر أمرًا مذهلاً، وأن أداء الشركة كان جيدًا باستمرار.
إيلي ليلي نحو مستقبل واعد
تحول تركيز وول ستريت الآن نحو الجيل التالي من أدوية السمنة، وهي حبوب سهلة البلع وأقل تكلفة في التصنيع. من المتوقع صدور قرار من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في أوائل عام 2026 بشأن الموافقة على دواء إيلي ليلي الفموي لعلاج السمنة. وقد عززت الشركة بالفعل إمداداتها استعدادًا لإطلاق محتمل لهذا الدواء.
يقدر جيف ميشام من سيتي أن مبيعات هذا الدواء السنوية قد تصل إلى أكثر من 40 مليار دولار، وقد حدد سعرًا مستهدفًا لسهم إيلي ليلي عند 1500 دولار، وهو الأعلى في وول ستريت. ويرى المحللون أن هناك مجالًا لمزيد من الصعود لسهم إيلي ليلي إذا استمرت الشركة في اكتشاف محركات نمو جديدة، سواء في مجال أدوية السمنة أو في برنامجها لعلاج مرض الزهايمر.
تجري إيلي ليلي حاليًا دراسات على مادة “تيرزيباتيد” الكيميائية، وهي المادة الفعالة في دواء “زيبباوند”، في حالات صحية مرتبطة مثل أمراض الكبد وفشل القلب والأمراض المناعية. كما تدرس الشركة حبوبها التجريبية لعلاج السمنة، “أورفورغليبرون”، في مجالي ارتفاع ضغط الدم وانقطاع النفس أثناء النوم.
من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة تطورات إضافية في مجال أدوية السمنة، مع استمرار الشركات في تطوير علاجات جديدة ومبتكرة. وستظل إيلي ليلي في طليعة هذا المجال، مع التركيز على تطوير أدوية فعالة وآمنة لعلاج السمنة والأمراض المرتبطة بها. يبقى من الضروري مراقبة نتائج التجارب السريرية، وقرارات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، والتطورات التنافسية في السوق لتقييم المسار المستقبلي لإيلي ليلي.










