أعرب ستيفن شوارزمان، الرئيس التنفيذي لمجموعة بلاكستون، عن تفاؤله بموافقة الولايات المتحدة على تزويد المملكة العربية السعودية برقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة. جاء ذلك خلال مشاركته في منتدى الاستثمار الأميركي السعودي، حيث أكد أن هذه الخطوة ستعزز مكانة المملكة وتفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والنمو الاقتصادي. وتعتبر هذه التطورات جزءًا من شراكة متنامية بين البلدين في مجال التكنولوجيا.
تأتي تصريحات شوارزمان بعد توقيع مذكرة تفاهم “محورية” بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترمب، تهدف إلى منح السعودية إمكانية الوصول إلى أحدث أنظمة الذكاء الاصطناعي الأمريكية مع ضمان حماية التكنولوجيا الأمريكية من أي تأثير خارجي. وتشير التقديرات إلى أن الاقتصاد الرقمي في السعودية قد بلغ حوالي 132 مليار دولار في عام 2024، بزيادة كبيرة مقارنة بعام 2018.
فرص الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والطاقة في السعودية
أشار شوارزمان إلى أن قطاعي الذكاء الاصطناعي والطاقة يمثلان أبرز الفرص الاستثمارية المتاحة في المملكة العربية السعودية. وأضاف أن الذكاء الاصطناعي يمتلك القدرة على دفع النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ في المستقبل القريب، خاصةً مع النمو السريع الذي تشهده الرياض.
وأضاف أن السعودية تتمتع بميزة تنافسية كبيرة كونها أرخص مصدر للطاقة، مما يجعلها وجهة مثالية للمستثمرين في مجال التكنولوجيا الراغبين في بناء مراكز بيانات متطورة ومنصات الذكاء الاصطناعي بكفاءة عالية. هذا بالإضافة إلى البيئة الاستثمارية الأكثر انفتاحًا في المملكة.
شراكة بلاكستون وهيوماين لتطوير مراكز البيانات
في نهاية أكتوبر الماضي، أعلنت شركة هيوماين السعودية للذكاء الاصطناعي عن شراكة مع مجموعة بلاكستون لبناء مراكز بيانات جديدة في المملكة باستثمار أولي قدره 3 مليارات دولار. تأتي هذه الشراكة في إطار جهود السعودية لتوسيع بنيتها التحتية الرقمية.
تعتبر بلاكستون من الشركات الرائدة عالميًا في الاستثمار في مراكز البيانات، حيث استحوذت في العام الماضي على شركة إيرترنك مقابل حوالي 16 مليار دولار. تُظهر هذه الخطوة التزام بلاكستون بتعزيز تواجدها في سوق مراكز البيانات العالمي.
رهان السعودية على مستقبل الذكاء الاصطناعي
أكد الأمير محمد بن سلمان خلال قمة البيت الأبيض أن المملكة بحاجة إلى الاستفادة من القدرات الحوسبية الهائلة للذكاء الاصطناعي لتعويض النقص في الموارد البشرية المتخصصة، وأن هذا الدور سيُوكَل إلى القطاع الخاص الأمريكي. وأشار إلى أن السعودية تخطط لاستثمار 50 مليار دولار في استهلاك الرقائق خلال الفترة القريبة القادمة.
أطلقت السعودية شركة هيوماين في مايو الماضي لتكون الركيزة الأساسية في استراتيجيتها الطموحة للذكاء الاصطناعي. تهدف هيوماين إلى تحقيق السيادة في مجال تطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي داخل المملكة، وتسعى لتصبح ثالث أكبر دولة في العالم في هذا المجال، بعد الولايات المتحدة والصين.
بدأت هيوماين بالفعل في إنشاء أول مراكز بيانات لها في المملكة، ومن المتوقع أن يتم تشغيلها في أوائل عام 2026 باستخدام أشباه الموصلات المستوردة من الولايات المتحدة. ستبدأ المراكز عملياتها في الرياض والدمام بقدرة مبدئية تصل إلى 100 ميغاواط لكل منها.
تعمل هيوماين بشكل وثيق مع شركة غروك لتشغيل روبوت المحادثة “هيوماين تشات” وبنية الاستدلال الخاصة بالذكاء الاصطناعي. كما تتعاون مع شركة أدفانسد مايكرو ديفايسز (AMD) في مشروع مشترك قد يشمل استحواذ AMD على حصة في صندوق استثماري مخصص في المملكة، كجزء من صفقة بقيمة 10 مليارات دولار لبناء بنية تحتية متطورة للذكاء الاصطناعي.
وتشكل هذه التطورات جزءًا من رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، وتعزيز الابتكار والتكنولوجيا. وتعتبر الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية حجر الزاوية في تحقيق هذه الأهداف.
من المتوقع أن تشهد العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة مزيدًا من التعاون في مجال التكنولوجيا خلال الأشهر القادمة، مع التركيز على تطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وتبادل الخبرات والمعرفة. وسيكون من المهم متابعة التقدم المحرز في تنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين، والتحديات المحتملة التي قد تواجه هذه الشراكة، بما في ذلك المخاوف المتعلقة بالأمن السيبراني وحماية الملكية الفكرية.










