أعلنت شركة “ميرسك” الدنماركية، إحدى أكبر شركات الشحن في العالم، عن نجاح عبور إحدى سفنها، “ميرسك سيباروك”، للبحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو أول عبور ناجح من هذا النوع منذ ما يقرب من عامين. يأتي هذا التطور في ظل استمرار التوترات في المنطقة، ويشكل خطوة أولى محتملة نحو استعادة حركة الملاحة في هذا الممر المائي الحيوي، لكن الشركة تؤكد عدم وجود خطط فورية لفتح المسار الملاحي بشكل كامل. هذا الحدث يثير تساؤلات حول مستقبل حركة الشحن العالمية وتأثيرها على الاقتصاد المصري.
بدأت “ميرسك” وشركات شحن كبرى أخرى في يناير 2024 بتحويل مسارات سفنها بعيدًا عن البحر الأحمر، واختيار طريق أطول حول رأس الرجاء الصالح، وذلك بعد تصاعد الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي اليمنية على السفن التجارية في المنطقة، ردًا على الأحداث في غزة. أدت هذه التحويلات إلى زيادة في تكاليف الشحن وأوقات التسليم، مما أثر على سلاسل التوريد العالمية.
عودة تدريجية لـ “ميرسك” عبر البحر الأحمر
أكدت “ميرسك” في بيان لها أن عبور “ميرسك سيباروك” يمثل تطورًا إيجابيًا، لكنه لا يشير إلى تغيير وشيك في استراتيجية الشركة. وأوضحت أن الشركة تتبنى نهجًا تدريجيًا في تقييم إمكانية استئناف المرور عبر البحر الأحمر، ولا توجد حاليًا أي رحلات إضافية مخطط لها عبر هذا المسار. تعتمد هذه الخطوة على تقييم مستمر للوضع الأمني في المنطقة.
تأتي هذه الخطوة بعد فترة من الترقب الحذر من قبل شركات الشحن العالمية، التي كانت تخشى من استمرار الهجمات على سفنها. وقد أدت هذه الهجمات إلى ارتفاع أسعار التأمين على السفن وزيادة تكاليف الشحن بشكل عام.
تأثير الهجمات على حركة الشحن العالمية
أدت الهجمات الحوثية إلى تعطيل حركة الشحن عبر البحر الأحمر، وهو ممر مائي حيوي يربط بين آسيا وأوروبا. وبحسب تقديرات مختلفة، تراجع حجم البضائع العابرة من قناة السويس بشكل ملحوظ خلال الأشهر الماضية.
تداعيات محتملة على قناة السويس والاقتصاد المصري
تعتبر قناة السويس شريانًا حيويًا للاقتصاد المصري، حيث تمثل مصدرًا رئيسيًا للدخل القومي من خلال رسوم العبور. وقد تكبدت مصر خسائر كبيرة نتيجة لتراجع حركة السفن عبر القناة، حيث قدرت الرئاسة المصرية هذه الخسائر بنحو 7 مليارات دولار حتى نهاية عام 2024.
كان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد توقع في أكتوبر الماضي عودة حركة السفن في قناة السويس إلى طبيعتها خلال ثلاثة أشهر بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. كما توقع رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع، مضاعفة إيرادات القناة بحلول عام 2026 لتصل إلى 8 مليارات دولار.
تشير البيانات الحديثة إلى تحسن طفيف في حركة السفن عبر قناة السويس، حيث سجلت القناة عبور 5874 سفينة منذ بداية يوليو الماضي وحتى الثامن من ديسمبر، بإيرادات بلغت 1.970 مليار دولار، بزيادة سنوية قدرها 17.5% في الإيرادات. ومع ذلك، لا تزال هذه الأرقام أقل من مستويات عام 2023، التي تجاوزت 26 ألف سفينة وإيرادات بلغت 10.2 مليار دولار.
في الختام، يمثل عبور سفينة “ميرسك سيباروك” للبحر الأحمر خطوة إيجابية نحو استعادة حركة الملاحة في المنطقة، لكن الطريق لا يزال طويلاً. ستعتمد عودة حركة الشحن إلى طبيعتها على استقرار الوضع الأمني في البحر الأحمر واستمرار الجهود الدبلوماسية لتهدئة التوترات. من المتوقع أن تواصل هيئة قناة السويس جهودها لجذب السفن واستعادة إيراداتها، مع مراقبة التطورات الإقليمية عن كثب. يبقى من الضروري متابعة تطورات الوضع في غزة وتأثيرها على الأمن البحري في المنطقة، بالإضافة إلى تقييم استجابة شركات الشحن العالمية لهذه التطورات.










