شهدت أسعار المعادن الصناعية، بما في ذلك الألمنيوم والنحاس وخام الحديد، ارتفاعًا ملحوظًا اليوم، بعد تداول أنباء حول استعداد الحكومة الصينية لاتخاذ إجراءات لدعم قطاع العقارات الذي يعاني من ركود مطول. يأتي هذا التطور في ظل تراجع الطلب على هذه السلع الأساسية بسبب تباطؤ النشاط العقاري في أكبر مستهلك للمعادن في العالم. ويهدف الإجراء المتوقع إلى تحفيز الاستثمار وتعزيز الثقة في السوق.
وقد بدأت المؤشرات الإيجابية في الظهور في أسواق السلع، حيث ارتفعت أسعار العقود الآجلة للمعادن الرئيسية في بورصة لندن للمعادن وسنغافورة. يعكس هذا التحرك تفاؤلًا حذرًا بأن تدخل بكين قد يساهم في استقرار قطاع العقارات، وبالتالي دعم الطلب على المعادن المستخدمة في البناء والتصنيع.
دعم الصين لقطاع العقارات يرفع أسعار الألمنيوم والمعادن
يُعد قطاع العقارات في الصين محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي، ويستهلك كميات هائلة من المعادن مثل الألمنيوم والنحاس والصلب. ومع ذلك، فقد واجه القطاع صعوبات كبيرة في السنوات الأخيرة بسبب سياسات تقييد الديون، وتراجع ثقة المستهلكين، وتراكم المشاريع غير المكتملة. أدى هذا إلى انخفاض حاد في مبيعات المنازل وتراجع الاستثمار في البناء.
وفقًا لمصادر مطلعة، فإن الحزمة المقترحة من الإجراءات تشمل تخفيف القيود على الرهون العقارية، وتقديم حوافز ضريبية للمشترين، وتقليل التكاليف المرتبطة بمعاملات بيع وشراء العقارات. تهدف هذه الإجراءات إلى جعل شراء المنازل أكثر سهولة وجاذبية، وبالتالي تحفيز الطلب.
تأثير الركود العقاري على الطلب على المعادن
لقد أثر الركود في سوق الإسكان الصيني بشكل مباشر على الطلب على المعادن. فقد تسبب في تباطؤ وتيرة المشاريع الإنشائية الجديدة، وتقليل استخدام المعادن في التشطيبات والديكورات الداخلية. بالإضافة إلى ذلك، أدى تراجع ثقة المستهلكين إلى تأجيل عمليات التجديد والتوسع في المنازل القائمة، مما أثر سلبًا على الطلب الإضافي.
ومع ذلك، فقد ساهمت بعض القطاعات الأخرى في التخفيف من حدة هذا التأثير. فقد شهد قطاع الطاقة الجديدة، مثل السيارات الكهربائية وبطاريات التخزين، نموًا قويًا، مما أدى إلى زيادة الطلب على النحاس والليثيوم والمعادن الأخرى المستخدمة في هذه الصناعات. كما أن الاستثمارات في شبكات الكهرباء والبنية التحتية الذكية ساهمت في دعم الطلب على الألمنيوم والنحاس.
سجل الألمنيوم مكاسب بنسبة 0.9% في بورصة لندن للمعادن، ليصل إلى مستوى معين، بينما قلصت عقود خام الحديد الآجلة في سنغافورة خسائرها السابقة. كما ارتفعت أسعار النحاس والزنك بشكل طفيف، مما يشير إلى أن المستثمرين يتوقعون تحسنًا في الطلب على المعادن في المستقبل القريب.
ارتفع سعر الألمنيوم بنسبة 0.6% ليصل إلى 2818 دولارًا للطن في الساعة 12:18 ظهرًا بتوقيت شنغهاي. كما صعد النحاس بنسبة 0.4% والزنك بنسبة 0.5%. في سنغافورة، استقرت عقود خام الحديد الآجلة عند 104.40 دولارًا للطن، بعد أن تراجعت في وقت سابق بنسبة 1.1%.
وتشير التقارير إلى أن مناقشات خطة الدعم الحكومي لقطاع العقارات بدأت في الربع الثالث من العام الحالي على الأقل، مع تفاقم الأزمة وتراجع فعالية الإجراءات السابقة. فقد فشلت جهود التحفيز السابقة في استعادة الثقة في السوق وتحقيق نمو مستدام في مبيعات المنازل.
بالإضافة إلى الألمنيوم والنحاس وخام الحديد، قد تستفيد المعادن الأخرى المستخدمة في البناء والتصنيع، مثل الصلب والنيكل، من أي تحسن في قطاع العقارات الصيني. فقد يؤدي زيادة الاستثمار في البناء إلى زيادة الطلب على هذه المعادن، مما يدعم أسعارها.
من الجدير بالذكر أن تأثير هذه الإجراءات على أسعار المعادن قد يكون محدودًا في البداية. فقد يحتاج السوق إلى بعض الوقت لتقييم فعالية الإجراءات الحكومية وتأثيرها على الطلب الفعلي. كما أن هناك عوامل أخرى، مثل التوترات التجارية العالمية والظروف الاقتصادية في الدول الأخرى، قد تؤثر على أسعار المعادن.
من المتوقع أن تقوم الحكومة الصينية بالإعلان عن تفاصيل حزمة الدعم لقطاع العقارات في الأيام أو الأسابيع القادمة. سيكون من المهم مراقبة رد فعل السوق على هذه الإعلانات، وتقييم مدى قدرة الإجراءات الحكومية على تحقيق أهدافها في استقرار القطاع وتحفيز النمو. كما يجب متابعة المؤشرات الاقتصادية الأخرى، مثل مبيعات المنازل والاستثمار في البناء، لتقييم التأثير الفعلي للإجراءات على الطلب على المعادن.










