شهد المغرب انكماشاً في أسعار المستهلكين خلال شهر نوفمبر، وهي المرة الأولى منذ ديسمبر 2020، مدفوعاً بشكل أساسي بتراجع أسعار المواد الغذائية. وأظهرت بيانات المندوبية السامية للتخطيط انخفاض مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.3% على أساس سنوي، مما يشير إلى تحول ملحوظ في اتجاه التضخم في البلاد. هذا التطور يثير تساؤلات حول المسار الاقتصادي للمغرب في الفترة القادمة.
أصدرت المندوبية السامية للتخطيط هذه البيانات يوم الجمعة، مما يوفر أحدث صورة عن الوضع الاقتصادي في المغرب. يأتي هذا الانكماش بعد فترة من الارتفاع التدريجي في الأسعار، مما يجعل هذا التحول أكثر وضوحاً. ويشمل هذا التراجع جميع المناطق الحضرية والريفية في المملكة.
تغير اتجاه أسعار المستهلكين في المغرب: تحليل مفصل
يعتبر هذا الانكماش السنوي الأول منذ ديسمبر 2020، وفقاً لبيانات جمعتها وكالة بلومبرغ. ويعكس هذا التحول تغيراً كبيراً في ديناميكيات السوق المغربية. ويرجع هذا الانخفاض بشكل رئيسي إلى تراجع أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.2%، في حين شهدت أسعار المواد غير الغذائية ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.4%.
على أساس شهري، استمرت أسعار المستهلكين في الانكماش بنسبة 0.6% للشهر الثاني على التوالي. وهذا يؤكد استمرار الضغوط النزولية على الأسعار، مما يشير إلى أن هذا الاتجاه قد يستمر في المدى القصير.
مخاطر الانكماش وتأثيره على الاقتصاد
الانكماش، على الرغم من أنه قد يبدو إيجابياً للقدرة الشرائية للمستهلكين، إلا أنه يحمل في طياته مخاطر اقتصادية كبيرة. قد يؤدي إلى تأجيل المستهلكين لقرارات الشراء، مما يقلل من الطلب ويؤثر سلباً على أرباح الشركات. في الحالات القصوى، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تباطؤ اقتصادي وركود.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الانكماش إلى زيادة عبء الديون الحقيقية، حيث تصبح قيمة الديون أكبر مع انخفاض الأسعار. وهذا يمكن أن يؤثر على قدرة الأفراد والشركات على سداد ديونهم.
توقعات التضخم وسياسة بنك المغرب
سجل معدل التضخم زيادة بنسبة 0.8% في المتوسط خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي. ويرجع ذلك إلى تحسن وفرة بعض المواد الغذائية، مثل زيت الزيتون، وانخفاض أسعار المحروقات، وفقاً لتصريحات والي بنك المغرب المركزي خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء الماضي.
يتوقع بنك المغرب أن يسجل التضخم بنهاية العام الحالي 0.8%، مع ارتفاع طفيف إلى 1.3% العام المقبل، ثم إلى 1.9% في عام 2027. وتشير هذه التوقعات إلى أن البنك يتوقع عودة التضخم إلى مستويات معتدلة في السنوات القادمة.
في خطوة تعكس تقييمها للوضع الاقتصادي الحالي، أبقى بنك المغرب سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 2.25% للمرة الثالثة على التوالي. وأشار البنك إلى أن المستوى الحالي للفائدة يظل ملائماً، مع الأخذ في الاعتبار حالة عدم اليقين العالمية والظروف المناخية الداخلية.
العوامل المؤثرة في الوضع الاقتصادي
تستمر التوترات الجيواقتصادية على المستوى الدولي والأوضاع المناخية الداخلية في التأثير على الاقتصاد المغربي. وتشكل هذه العوامل تحديات كبيرة أمام تحقيق النمو الاقتصادي المستدام. بالإضافة إلى ذلك، فإن أسعار الطاقة العالمية تلعب دوراً حاسماً في تحديد مسار التضخم في المغرب.
من الجدير بالذكر أن الحكومة المغربية اتخذت عدداً من الإجراءات لدعم الاقتصاد، بما في ذلك برامج الدعم الاجتماعي والاستثمار في البنية التحتية. تهدف هذه الإجراءات إلى تخفيف آثار التضخم والانكماش على المواطنين والشركات.
في الختام، يشير الانكماش الحالي في أسعار المستهلكين في المغرب إلى تحول في الاتجاه الاقتصادي. من المتوقع أن يراقب بنك المغرب عن كثب تطورات الأسعار في الأشهر القادمة، وقد يتخذ إجراءات إضافية إذا لزم الأمر. يبقى التحدي الرئيسي هو تحقيق التوازن بين السيطرة على التضخم وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، مع مراقبة تأثير العوامل الخارجية على الاقتصاد الوطني.










